الموت والغربة والقضايا الإنسانية تجتمع في أعمال الممثل والرسام يزن غريب

الموت والغربة والقضايا الإنسانية تجتمع في أعمال الممثل والرسام يزن غريب

هبة لاما ******

عند دخولك مخيم الدهيشة للاجئين في بيت لحم، تصادفك رسومات لشخصيات مختلفة لعبت دوراً فعالاً في المسيرة الفلسطينية عبر السنوات الماضية، ترتسم على جدران المخيم وتتوزع في أروقته وكأنها تخلّد نفسها بنفسها؛ فهنا تجد صورة ياسر عرفات كبيرةً واضحة وهناك يرتسم وجه غسان كنفاني وآخرين ممن كتبوا بدمائهم تاريخ فلسطين واستشهدوا من أجلها، خاصة شهداء المخيم وأهله الذين غابوا عنه جسداً لكنهم لا يزالون حاضرين فيه روحاً، وقد أتت هذه الرسومات لتخليد ذكراهم وجعل صورهم حاضرة بشكل دائم في أروقة المكان الذي سكنوه وأحبوه.

وربما أن ما يدهشك الأكثر في هذه الجداريات المتقنة التي تشبه إلى حد كبير شخصياتها الحقيقية، هو أن مبدعها شاب لا يزال في بداية العشرينيات من عمره، بموهبة بدأها بالرسم وأكملها في مجالات التمثيل والمسرح والفنون الأخرى؛ فمنذ أن كان يزن غريب في الثانية عشرة من العمر بدأ يخط بخربشاته الطفولية طريق مستقبله الفني، فكان يرسم كل ما يراه في المدرسة والبيت والشارع، معبراً عما يختلج في صدره من أمنيات وأفكار وأحلام كانت في حينها بسيطة وصغيرة بصغر سنه ثم بدأت تكبر شيئاً فشيئاً بتقدمه في العمر واكتسابه الخبرة والمعرفة التي بدأت الفنانة الفلسطينية كريمة العداونة بإعطائه إياها، في محاولة لتطوير موهبته وصقلها عن طريق تعليمه تقنيات الرسم التشكيلي.

كانت هذه المرحلة هي النقطة الفاصلة في حياة يزن الذي تحول شيئاً فشيئاً من مجال الهواة إلى مجال الاحتراف والإتقان وأكمل طريقه الاحترافي بتعرفه على الفنان التشكيلي حسن اللحام مدير مركز خيمة الثقافي في بيت لحم الذي عرّضه للمزيد من التجارب العملية بمشاركته في المهرجانات الفنية والمعارض المحلية المنظمة من قبل وزارة الثقافة وغيرها من المؤسسات؛ فبدأ يزن بعرض أعماله على الملأ وسماع انتقاداتهم وثنائهم عليه ودخل شيئاً فشئياً إلى معترك الحياة الفنية الجدية التي أوصلت رسوماته إلى أوروبا وأمريكا والعالم العربي أيضاً؛ فبيعت رسوماته في هذه الدول وتعرف جمهورها على أعماله المختلفة وفنه الخاص.
وفي يوم من الأيام وفي حين كان يزن يشارك زميله في الرسم على جسر في مخيم الدهيشة، خرج الاثنان بفكرة الانتقال إلى شيء جديد كالمسرح مثلاً، فعرضا الفكرة على مركز الفينيق الذي احتضنهما ضمن “مسرح الفينيق” وتم تدريبهما على التقنيات المسرحية من خلال مختصين في”مسرح الحارة” فخرج الاثنان بأول عمل لهما بعنوان “مفتاح وحياة” عُرض في الأردن عام 2006 وحصد جائزة أفضل عمل مسرحي ثم مسرحيتي “مدرسة بلا حدود” و”تبقى آمال” عام 2007.

كانت هذه بدايات يزن المسرحية البسيطة التي أهلته لدخول المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق بمنحة من وزارة الثقافة الفلسطينية من أجل التخصص في مجال “السينوغرافيا” وهي دراسة الفضاء المسرحي من حيث الديكور والأزياء والإضاءة وحركة الممثلين والاكسسور والمكياج بما يشمل أربع سنوات من الدراسة العلمية والعملية اضطلع يزن خلالها بعدة أفلام قصيرة ومسرحيات ومسلسلات؛ بعضها من إخراجه وتصميمه وأخرى بمشاركته في التمثيل.

علامة سؤال، أنا وأم عبدالله، والقدر، و36 مليمتر من الحب، هي الأفلام القصيرة التي أخرجها يزن وشاركت في العديد من المهرجانات العالمية، كما حصل على دور البطولة في فلم “موت بلون الغربة” ومثل في مسلسل “القدس أولى القبلتين” إخراج أحمد دعيبس ومسلسل “الفريق” إخراج نبيل الشوملي وكان سيشارك في مسلسل “أنا القدس” لباسل الخطيب هذا العام لكنه لم يتمكن من ذلك لظروف اضطرته للعودة لفلسطين للمخيم الذي احتضنه منذ البداية.

يعمل يزن حالياً بأعمال السينوغرافيا لمسرحية “خطايا” مع المسرح الشعبي وفتحي عبد الرحمن والتي ستعرض في قصر رام الله الثقافي قريباً، ويحلم بإكمال دراساته العليا في أوروبا ليتمكن من تطوير فنه الذي يعتبره طريقاً من أجل الارتقاء بفلسطين، لأننا كشعب -كما يقول يزن- نريد أن نحكي قصتنا وقضيتنا للعالم عن طريق الأفلام والمسلسلات والمسرح والرسم، لذلك فلنبدأ بمحاربة العدو بالفن كما حاربناه قديماً بالسلاح.

كما يتطرق يزن في أعماله للقضايا الاجتماعية والإنسانية لأنه يرى أن الشعب إذا ما أراد أن يتحرر فيجب عليه أن يحل قضاياه الداخلية ومشكلاته ليتمكن بعدها من التغلب على المحتل وهزيمته.

» الشتات والغربة!!!!
» تقرير غولدستون والقضايا العالقة
» «إسرائيل» ومفارقات العنصرية «الإنسانية»
» فنان من الدوايمة - النحات والرسام الفنان عبد الحي مسلم
» المنظمات اليهودية العالمية تجتمع في القدس لإنشاء "جبهة يهودية موحدة" كهيئة موازية للجامعة العربية