توازن القوى في المفاوضات

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

توازن القوى في المفاوضات

الكاتب : محمد حسين المومني
2010-09-09

للوهلة الأولى تبدو موازين القوى في المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تميل في صالح إسرائيل، وذلك بالنظر للتفوق العسكري الهائل لإسرائيل ليس فقط على الجانب الفلسطيني بل والدول العربية، وبالتالي فعدد مقدر من الذين رفضوا المفاوضات المباشرة رفضوها من زاوية أن المفاوض الفلسطيني لن يجلب مكاسب تذكر بسبب ضعفه بالمقارنة بقوة الجانب الإسرائيلي.
هذا الكلام غير دقيق ويغفل مؤشرات قياس القوى والتي لم تعد القوى العسكرية إلا واحدة من مجموعة محددات لها. وفي حالة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تبدو القوى العسكرية محيّدة إلى درجة كبيرة كوننا نتحدث عن صراع بين دولة مدججة بالسلاح وشعب أعزل لا يمتلك سلاحاً، وبالتالي فميدان التناكف بين الطرفين ليس الميدان العسكري الذي تتفوق فيه إسرائيل بوضوح وإنما ميادين أخرى اظهر الجانب العربي والفلسطيني تفوقه في بعضها.
الفلسطينيون وهم يخوضون غمار المفاوضات يمتلكون في الحقيقة الكثير من الأوراق التفاوضية الضاغطة التي تمكنهم في حال استثمرت ببراعة من الحصول على حقوقهم الوطنية التي ناضلوا من اجلها لعقود. بالإضافة لإثباتهم وجودهم ميدانياً من خلال منهج سلام فياض الميداني ببناء المؤسسات، وترسيخهم قدرتهم في الحفاظ على الأمن، ما يعني أنهم شعب يستحق دولة، وناهيك عن الدعم العربي السياسي المشتبك الآن أكثر من أي وقت مضى على مدار العقدين الماضيين، نجد ومن زاوية دولية، والتي تعد غاية في الأهمية، أن موقف الفلسطينيين التفاوضي ليس بالسيئ إطلاقاً.
التحول الكبير الذي طرأ على المشهد الدولي ببعديه الرسمي والشعبي في نظرته للصراع الدائر، والتزايد الواضح لمنسوب التعاطف الدولي مع الفلسطينيين، جعل إسرائيل في حالة دفاع مستمر عن نفسها دولياً وجعلها تعيش في حالة من التوتر الدائم بغية إيقاف استنزاف مسموعاتها وحماية الانطباع الذي ساد عنها ضمن الأوساط الغربية والدولية.
اللحظة الراهنة ليست الأربعينيات ولا السبعينيات، فقد ولى الزمان الذي كانت إسرائيل تتمتع فيه بدعم لا محدود وتعاطف كدولة مسالمة محاطة بالأعداء تريد فقط الأمن لشعبها الذي نكل به في شتى بقاع العالم. ينظر لإسرائيل الآن، وعلى نحو متنام من قبل المجتمع الدولي على أنها دولة تقترب شيئاً فشيئاً من أن تصبح نظاماً عنصرياً يستعبد البشر ويحتلهم، في حين ينظر للفلسطينيين على أنهم هم الشعب المنكل به والأعزل والمحتل، ما يقوض وبشكل خطير أسس الدعم اللا محدود الذي حظيت به إسرائيل لعقود خلت. نخبة فلسطينية وعربية ومسلمة متعلمة ومتثقفة هي التي قادت وتقود حملة التحول الدولية في صالح القضية الفلسطينية، وقد اكتسبت هذه الحملة قوة دفع ذاتي وقدرة كبيرة على التمدد والنمو، وقد تميزت بدرجة من الإبداعية المثيرة للإعجاب جعلت كثيرين يعتقدون أن القضية الفلسطينية ستصبح عنوانا لحركات التحرر والحرية في العصر الحديث، وان إسرائيل ستستمر بالسير نحو تبوؤ مقعد الدولة القمعية الكابتة للحرية والتحرر ما سيخسرها حلفاءها الدوليين. وعليه ومن منطلق تفاوضي، فإن خط مسار التحول الدولي تجاه الصراع العربي الإسرائيلي يسير في صالح الفلسطينيين وفي غير صالح إسرائيل ما يجعله ورقة إستراتيجية ضاغطة على إسرائيل ومريحة للفلسطينيين.

» بيان القوى الشعبية لدعم مونديال الحرية
» الواقع الفلسطيني المأساوي في لبنان يشكل مخرجاً لكل القوى السياسية
» المفاوضات فاشلة.. فلماذا الرهان؟
» ما بعد المفاوضات!!
» هل فات الاوان لحل الدولتين في المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين؟