محاولات لتحويل رباط الكرد بالأقصى إلى "مبكى صغير" حذّرت "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث"، من أن الاحتلال الصهيوني يسعى إلى المزيد من السيطرة على "رباط الكرد"، الواقع على يسار باب الحديد، وهو أحد أبواب المسجد الأقصى، مؤكدة أن "رباط الكرد جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك وجزء من الجدار الغربي".
وقالت المؤسسة، في بيان لها الخميس (13-1) "إن الاحتلال يخطط، من خلال إجراءات قام بها خلال هذا الأسبوع، إلى زيادة المساحة التي يسيطر عليها من "رباط الكرد" بهدف زيادة عدد الزائرين اليهود إلى الموقع، وتحويله بالكامل إلى ما يطلقون عليه، زوراً وبهتاناً، المبكى الصغير".
وذكرت "مؤسسة الأقصى": أن الاحتلال يضع يده منذ عشرات السنين على "رباط الكرد"، بعد أن حول جزء منه إلى مزار يهودي تحت اسم "المبكى الصغير "، كما أجرى الاحتلال في سنوات سابقة حفريات أسفل الموقع، ما أدى إلى انهيارات وتشققات في البيوت الفلسطينية المجاورة والمعروفة باسم "حوش الشهابي" – وهو جزء من رباط الكرد، وتم حينها وضع شبكة من السندات والدعامات الحديدية الكبيرة، لكن الاحتلال قام مطلع الأسبوع بإزالة هذه الشبكة الحديدية الاستنادية.
وأكدت المؤسسة "أن الاحتلال يخطط إلى إجراء عمليات تهويدية تحت اسم " التصليح والترميم"، وذلك بهدف فسح المجال لزيادة عدد الزائرين اليهود إلى رباط الكرد، والذين يقومون بتأدية شعائر توراتية وتلمودية، في مخطط يهدف إلى السيطرة الكاملة على رباط الكرد وبالذات "حوش الشهابي" وتحويله بالكامل إلى مبكى صغير".
وحذرت "مؤسسة الأقصى من خطورة الإجراءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى المبارك، مشددة على أن "رباط الكرد هو وقف إسلامي خالص، وجزء من بناء المسجد الأقصى المبارك، وأن إجراءات الاحتلال هي تهويد الموقع بالكامل"، على حد تعبيرها.
............................................................................................................................................
لك الله يا أمين الحسيني لا زلت أذكر أول مرة بحثت فيها عن اسم (الحاج أمين الحسيني) في الموسوعة اليهودية عندما كنت طالباً في الجامعة، فإذا باسمه في الموسوعة مقروناً بصورة تجمع الحاج أمين جالساً مع الزعيم النازي أدولف هتلر متقابلين! تعجبت يومها من اختيار هذه الصورة بالذات، وبحثت عنه في موسوعة يهودية أخرى باللغة العبرية فوجدت اسمه موجوداً وبجانبه نفس الصورة، فبحثت عنه في موسوعة ثالثة فإذا باسمه مقروناً أيضاً بنفس الصورة، فتسائلت يومها: ما الذي فعله الحاج أمين الحسيني حتى وصل الأمر باليهود إلى أن يقرنوه دائماً في موسوعاتهم بهتلر الذي يعرف العالم كله مدى بغض اليهود له وكيفية تعاملهم مع ميراثه؟ فبدأت في ذلك الوقت أبحث في سيرة هذا الرجل لأعرف من هو وما الذي فعله ليستحق هذه المكانة وهذا الحنق الشديد عليه عندهم.
بدأت أعرف شيئاً فشيئاً ما فعله الحاج أمين رحمه الله ليتلقى هذه السيول الجارفة من الغضب والتشويه الصهيوني، فكان مما لاحظته أثناء بحثي أنني وقفت على الصحف الغربية وما ذكرته عند وفاته، حيث كان أغلبها يذكر الخبر بصيغة: (وفاة العدو القديم لإسرائيل الحاج أمين الحسيني)..! وكان تقرير وكالة أسوشييتد برس في ذلك الوقت يقول: (قاد الحاج أمين الحسيني ثورات متعاقبة على مدى أربعين عاماً ضد الانتداب البريطاني والهجرة اليهودية إلى فلسطين) فأذهلني جلده وصبره أربعين عاماً، ووقفت على مطبوعات وخطب كان يصدرها في أغلب الأوقات منبهاً خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين إلى الخطر اليهودي القادم، فعجبت كيف تمكن من استقراء التاريخ وفهمه وتوقع المستقبل، فكان أول من أصدر مجموعة الفتاوى المعروفة في ذم – بل تكفير – من باع أرضه لليهود في فلسطين، وتنبيه العرب والمسلمين إلى الخطر القادم، وأذكر أنه عنون واحدةً من هذه الإصدارات بعبارة: (ويل للعرب من شر قد اقترب) مقتبساً إياها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في يأجوج ومأجوج، فكأنه كان بذلك يشير إلى أوجه الشبه بين هؤلاء القوم وبين الاحتلال الحالي الذي أكل الأخضر واليابس وعمت المصائب بسببه العالم.
مرت هذه اللحظات بذاكرتي وأنا أتابع خبر إقدام الاحتلال على هدم فندق شيبرد الذي بناه الحاج أمين الحسيني وأوقفه على المسجد الأقصى المبارك، مثلما فعل الاحتلال قبله بفندق المجلس الإسلامي الأعلى الذي هدم أقسامه الداخلية وأبقى الواجهة في غربي القدس قبل سنوات. هذه المشاريع التي كانت تنبض باسم الحاج أمين الحسيني رحمه الله وجهوده في صد الهجمة الصهيونية على فلسطين وعلى بيت المقدس أراد الاحتلال أن يخرسها ويسكت صوتها، وأراد أن يمحو بذلك صورة الحاج أمين وذكره من هذه المنطقة كلها، وليس غريباً أن يكون كل هذا الحقد موجهاً للحاج أمين وهو الذي: (أخًّر قيام دورة "إسرائيل" خمسين عاماً) كما قال أحد الكتَّاب. ليس غريباً على الاحتلال أن يحاول أن يمحو أي ذكر لهذا الرجل الذي لم تلن له قناة ولم يفت في عضده حجم المؤامرة العالمية الكبرى، فقدم حتى الرمق الأخير، حتى إنه كان آخر من لحق بابن أخيه القائد عبدالقادر الحسيني شهيد معركة القسطل رحمه الله، عندما غادر اجتماع القادة العرب عام 1948 غاضباً من التقاعس عن نجدة القدس وفلسطين، فكان الحاج أمين آخر من لحقه وقدم له كل ما كان يحمله من متاع الدنيا: واحد وعشرون جنيهاً فلسطينياً، وست بنادق، فكانت هذه ذخيرة عبدالقادر الحسيني من عمه الحاج أمينن لينطلق بها بدوره ويحرر القسطل قبل استشهاده مباشرة رحمه الله.
والحاج أمين هو الذي أشرف بنفسه على تديب معسكرات المتطوعين الفلسطينيين في ألمانيا ضد الحركة الصهيونية، وهو نفسه الذي كان يقدم قبل ذلك الأموال والتبرعات سراً لحركة الشيخ عز الدين القسام رحمه الله، ويذكر التاريخ أنه كان بينهما انقطاع كامل في الصلات تأميناً للسرية التامة في التمويل. وهو نفسه الذي قاد الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، وشرد لأجل ذلك في فيافي الأرض من مصر إلى لبنان إلى العراق إلى سورية إلى إيطاليا فألمانيا وهكذا، حتى انتهى به المطاف في ضاحية المنصورية في بيروت ليموت بصمت بالسكتة القلبية يوم الخميس 5/7/1974م بعد سبعة وسبعين عاماً من الجهاد والتضحية والتشرد رأى فيها بداية الانتداب البريطاني، والمؤامرة الكبرى عام 1948، والنكسة عام 1967، وحرب عام 1973 ليذهب إلى ربه بعد ذلك وقد قدم ما قدم.
من الطبيعي أن يسعى الاحتلال إلى طمس كل معلم يمت لرجل كهذا بصلة، وليس هذا غريباً على الصهاينة، فهم لا ينسون أعداءهم أبداً، وزيارة أو بحث واحد على الشبكة الدولة عن اسم أمين الحسيني لدى اليهود يعرفك بمدى شدته عليهم ومدى كرههم له.
إن عزاءنا لا يمكن أن يكون واقعاً إلا بأن تنبعث شخصية كهذه في قلب كل شخص من أبناء أمتنا الغيورين على القدس والمسجد الأقصى المبارك. وإن كان أمين الحسيني قد قدم وقدم وقدم حتى مات، فإن الأقصى الذي عمل له ما زال موجوداً وسيبقى بإذن الله، وإن كان هذا الفندق الموقوف على المسجد الأقصى المبارك قد هدم فإن الأقصى باق لم يهدم ولن يقسم بإذن الله، وسيكون يوم قريب يستعيد فيه الأقصى أوقافه كلها، ويعود الحاج أمين الحسيني من منفاه إلى القدس مزهواً بالنصر حتى بعد موته بإذن الله، وإنه يوم قريب.. لك الله يا حاج أمين، لك الله يا فندق شيبرد، ولك الله يا بيت المقدس.
د. عبدالله معروف
أستاذ دراسات بيت المقدس
مسؤول الإعلام والعلاقات العامة السابق بالمسجد الأقصى المبارك
............................................................................................................................................
عطون يعتبر تهديدات إسرائيل بالإدراج على لائحة (الإرهاب الدولي) حرب نفسيةأعتبر النائب المقدسي احمد عطون التهديدات التي وصلت للجانب الفلسطيني ,تؤكد نية إسرائيل إدراج نائبين مقدسيين مهددين بالإبعاد عن مدينة القدس على لائحة (الإرهاب الدولي)، بأنها تأتي في سياق ( الحرب النفسية) التى يشنها الاحتلال ضد أهالي القدس ونوابها ووزيرها السابق وقيادتها لتغطية جرائم الاحتلال التى ترتكب بحقهم, وبحق ما يقترف من اعتداء على مقدساتنا وعلى بيوتنا وأرضنا وممارسة التطهير العرقي من أجل الإبعاد عنها.
وقال النائب عطون في تصريح خاص لمراسلة " وكالة قدس نت للأنباء",يوم الثلاثاء, أنه عقب ما نشر حول إدراج أسماء نائبين مقدسيين على لائحة (الإرهاب الدولي)، أجرينا اتصال مع الدكتور صبري صيدم مستشار الرئيس الفلسطيني لشؤون الاتصالات والمعلومات للاستيضاح عن (صحة الخبر) وتأكد خلال اتصال د. صبري صيدم مع مصادر رفيعة المستوى في الرئاسة الفلسطينية :" بأن الرئاسة الفلسطينية تنفي بأنها تلقت أية إتصال من جهة إسرائيلية بخصوص هذا الموضوع ولا علم لها".
وجاء في رد المصادر رفيعة المستوي في السلطة الفلسطينية لصيدم": بأن قضية الإبعاد هي مرفوضة من قبل الرئاسة الفلسطينية".
وأوضح صيدم، بأن السلطة الوطنية الفلسطينية تبذل كافة جهودها مع دول أجنبيه وجهات رسمية دولية، والتي تؤكد دوماً رفضها لهذا الإجراء الإسرائيلي،كما تأكد رفضها على ممارسات الاحتلال سواء في بناء الاستيطان أو هدم للمباني أو الاستيلاء على العقارات في مدينة القدس .
وأكدت المصادر للدكتور صيدم، بأنهم يستنكرون مثل هذه التصريحات التى تعبر عن حقد وعن حرب نفسية سواء على الفلسطينيين عامة ونواب ووزيرها السابق وقيادات مقدسية خاصة.
وقال النائب عطون، بان الاحتلال يعتبر كل فلسطيني يطالب بحقه بأنه " إرهابي ومجرم ويجب أن يقدم للمحاكمة", مؤكداً بأن ممارسات الاحتلال هي الإرهاب وتمارس سياسة التطهير العرقي بامتياز كما هو متعارف به القانون الدولي .
وكانت مصادر رفيعة المستوى, مقربة من الرئاسة الفلسطينية كشفت ,الإثنين, عن تهديدات وصلت للجانب الفلسطيني تؤكد نية إسرائيل إدراج نائبين مقدسيين من حركة حماس مهددين بالإبعاد عن مدينة القدس على لائحة (الإرهاب الدولي), وتحظر التعامل معهم بشتى المجالات.
وقالت المصادر في تصريحات ل"وكالة قدس نت للأنباء, :" إن هذا التهديد يعد الأخطر على الإطلاق, والذي يهدد مصير نواب القدس, والوزير السابق المهديين بالإبعاد عن المدينة المقدسة, خاصة أنهم يخوضون إعتصام إستمر قرابة نصف عام في مقر الصليب الأحمر بالمدينة.
وأكدت المصادر ذاتها عن توجهات لدى الرئاسة الفلسطينية للتحرك على كافة المستويات الدولية والعربية, بما فيها الإدارة الأمريكية, من أجل منع تنفيذ هذا التهديد, التي طالبت به إسرائيل من خلال رسائلها للإدارة الأمريكية.
ويخوض النائبين المقدسيين أحمد عطون ومحمد طوطح بالإضافة للوزير السابق خالد أبو عرفه اعتصام مفتوح منذ ستة أشهر متواصلة في مقر الصليب الأحمر في مدينة القدس, وذلك في أعقاب قرار إسرائيلي بإبعادهم عن مدينة القدس, في الوقت ذاته أبعدت سلطات الإحتلال النائب محمد أبو طير عن مدينة القدس إلى الضفة الغربية بعدما أفرجت عنه من سجونها.
.......................................................................................................................................
قصة قصيرة ....... سويعات في خيمة النواب المقدسيين ( الحلقة الأولى ) ان الوقت يقترب من الساعة الحادية عشرة والنصف ظهراً .. حينما قادتني قدماي إلى باب مقر" الصليب الأحمر" في مدينة القدس .. حيث يعتصم - أو "يرابط " كما يحلو للمقدسيين أن يصفوا نضالاتهم – ثلاثة من مواطني المدينة المقدسة .. فيما أصبحوا بسبب اعتصامهم - احتجاجاً على قرار إبعادهم - أشهر برلمانيين في زمن قصير نسبياً !
وقفت في مكاني برهة أتفحص الكتابات المعلقة هنا وهناك .. كانت إحداها معلقة على باب الخيمة وقد خُط َّعليها بالحرف الكبير الرقم (170).. فأدركت أنها الأيام التي قضاها النواب في اعتصامهم .. يا ألله ! رأيتني أقول في نفسي .. وقد سَرَت بين أضلعي قشعريرة مُجللة بالهيبة من أثر هذا الرقم الكبير..
تقدمتُ خطوات .. ويبدوا أنها كانت ساعة الصلاة ، حيث اصطفّ نفرٌ من المتضامنين خلف إمامهم ، تبين لاحقاً أنه أحد النواب المهدَّدين بالإبعاد .. بينما جلس قريباً منهم ثلاثة من الضيوف الأجانب .. يحمل أحدهم كاميرا ويتابع باهتمام حركات المصلين ، بينما انهمكت سيدة بالكتابة تصف ما يحدث حولها .. فأدركت أنهم فريق صحفي .
ألقيتُ عليهم التحية هامساً ..واتخذت كرسياً بهدوء يتناسب مع جوّ الصلاة ، بقيت صامتاً للحظات وقد دخل في روعي أنّ كل ما في الموقع - أو الخيمة – رغمَ بساطته ، يعكسُ معنىً من معاني الجدّية والتحدي .. .. وما أنْ انتهت الصلاة حتى أقبل علينا ثلاثة رجال تعلو وجوهَهم بسماتٌ تخفي وراءها شئ من الرهق والتعب .. فيما يلبسون هنداماً أنيقاً ..
صافحونا باهتمام وسعادة .. وأشاروا لنا بالجلوس ، فهمتُ أنّ الصحفيين يكملون إجتماعاً لهم مع النواب .. إلا أنّ نائباً التفت إليّ ودعاني للإنضمام إليهم
اقتربتُ وأنا أعَرّف عن نفسي ..
قلتُ : يمكنكم أن تنادوني "زائرُ الخيمة" !
فقال النائب : أهلاً وسهلاً ، وعرّفني على زملائه وهو يشير بيده إليهم : النائب محمد طوطح والوزير السابق خالد أبوعرفة ، وأنا النائب أحمد عطون .. ثم ما لبثوا جميعاً أن انهمكوا مع ضيوفهم في أسئلة وأجوبة حول تسلسل أحداث الإعتصام وتطورها ..
غفلتُ عنهم ورأيت نفسي أدققُ بما حولي .. ولفت نظري تجانسُُ العناصر في مشهدِ هذا الإعتصام .. ساحة ٌ واسعة تظللها شجرات عالية عن يمينها.. كأنها تحميها من وهج الشمس أو مطر الشتاء ، وعن يسارها بناية " الصّليب الأحمر" ذات الطبقات الثلاث .. ولوحات متفرقة معلقة على جدران الساحة .. تحملُ عباراتِ التضامن مع النواب بلوْنَيّ الأحمر والأسود .. وقد كتب عليها كلماتٌ جمعتْ بين حُبّ القدس وكراهية الإبعاد .. وكلماتٌ أخرى تحكي قسوة الإحتلال وآثارَ عدوانه .. وهناك في طرف الساحة شابان يجمعان بين أيديهما "حصيرة " الصلاة .. فيما لا يزال الخشوعُ بادٍ عليهما .. شاب آخرُ يحمل إبريق القهوة ، مقبلٌ إلينا بخفة .. وما لبث أن قدّم لكل من الحاضرين فنجانه .. وعاد قافلاً دون جلبة أو ضجيج .. ويمرّ بين الحين والآخر أشخاصٌ يلقون التحية وهم باسمون .. بدا أنهم يعملون في المؤسسة .. رجالٌ حيناً وحيناً سيدات.. ولا تبدو عليهم علاماتُ الضّجر من هذا الواقع الجديد - أقصد إعتصام النواب في مقر الصليب الأحمر - ..
رفع أحدُ المارّة يده كأنه يسأل كيف تسيرُ الأمور ؟
هزّ الوزير أبوعرفه رأسه مُطمْئناً .
وكنت كلما أردت أنْ أسمع مجرى الحديث مع الصحفيين ، تشدّني بعيداً صورة من صوَر هذا المشهد المتنوع في عناصره .. وأسألُ نفسي : ما الذي يضطرّ نائبين ومعهم وزير.. أن يتركوا مواقعهم الرفيعة في المجتمع ويلجأوا إلى مؤسسة دولية .. لطالما كان دورُها مساعدة "المستضعفين من الناس" ؟ وأعود أنظرُ خِلسة إلى وجوه النواب .. فلا أرى ضعفاً ، أو "هوانَ اللاجئ "أو المستضعف .. بل على العكس من ذلك .. رأيتُ من يزورهم أو يمرّ عليهم يقف بين أيديهم متواضعاً متأدباً كأنه في مكتب هذا النائب أو ذاك الوزير.. وما يصحبُ ذلك من مشاعر الهيبة والرهبة لهذه المكاتب ! فتيقنّت أنّ لجوءَهم واعتصامهم أكسبهم هيبة واحتراماً .. إذ ليس أمراً هيناً على أحد ٍ من عامة الناس .. أن يدفع ثمناً باهظاً بأسلوب "اللجوء أو الإعتصام" في مقاومة الإحتلال .. فضلاً عن أن يكون نائباً أو وزير ! قلت : وهذا لربما ، ما يفسّرُ نظرة الناس إليهم بالهيبة والإحترام .. فالإنسان قد يفعل أمراً بإرادته .. ليوم ٍ أو يومين .. وقد يطول الأمر لأسبوع ٍ أو أسبوعين .. أما أن يطول ذلك إلى اعتصام مفتوح ؟ فهذا ما لا يعرفه الناس ولم يعتادوه ..
أعدتُ نظري إلى النواب أدقق في ملامحِهم ..
وإذا بالنائب محمد طوطح ينظر إليّ مبتسماً ..
ومالَ إليّ قائلاً : الإعتصامُ غريبٌ من نوعه .. أليس هذا ما يجول في خاطرك !
فهززتُ رأسي موافقاً ، وعجبتُ من سؤاله ، فحقاً هذا ما أفكر فيه !
وانتهزتُ الفرصة لأسأله : كيف ترى حضرتكم موقفَ الإحتلال منكم ؟
تنهّد لبرهة .. ثم قال: الحقيقة .. من الواضح أنّ الحكومة تتخبط ولا تدري ماذا تفعل .. بداية جاء توقيت الإعتصامُ موافقاً لأحداث سفينة "مرمرة" التركية في عرض البحر، والتي قدمت مع سفن أخرى للمساهمة في رفع الحصار عن أهلنا في قطاع غزة ، وقد كانت صدمة العالم شديدة ... في أعقاب سلوك الإسرائيليين العنيف ضد المدنيين الأتراك الذين استشهد منهم أحد عشر شخصاً .. وهذا الذي صعّب على شرطة الإحتلال في مدينة القدس أن تُقدِمَ على اقتحام مقر مؤسسة الصليب الأحمر في هذه الأجواء الحسّاسة .. فهي مؤسسة دولية لها حصانتها .. ونحن نرى أنّ اعتصامنا مُعرض لاحتمالات ثلاثة : إما أن تقتحم السلطات المقرّ وتعتقلنا ، أو تبعدنا فوراً إلى خارج المدينة ، أو تعيدنا إلى بيوتنا .. وأيٍّ من هذه الأمور هي أصعبُ من أختها من وجهة نظر الإحتلال .. لذا فإنّ مؤسّسات الإحتلال المعنية بالقضية تتهرب كل ٌمنها من تحمل المسؤولية وتحيلها إلى غيرها .. وهذا لربما من أسباب قوة موقفنا حتى هذه اللحظة . وتوقف النائبُ للحظة مستمعاً إلى أحد مرافقيه الذي أخبره عن قدوم وفد من تلامذة المدارس برفقة مرشديهم .. وصادف أنْ انتهى اللقاء مع الصحفيين ..فاستأذن النائبان والوزير منا ، وتوجها إلى بوابة المقر العريضة لاستقبال الوفد المذكور ..
كان تضامن التلاميذ ذوي الثلاثة عشر عاماً شكلاً آخرَ من مشاهد الإعتصام الغزيرة بالمعاني .. فقد وقف النواب يصافحون التلاميذ بحرارة واحترام ، تماماً كما يُستقبل كبارُ الضيوف من السفراء والقناصل والشخصيّات المهمّة ! يحفلون بهم فرداً فرداً .. وينظرون في عيونهم ويردّون عليهم التحيّة بدفئ .. وابتسامات لا تغادر مُحيّاهم .. وليس عصيّ على المراقب أنْ يلمح عيون النواب وهي تبادل التلاميذ النظرات كأنها تقول لهم : أنتم ورثتنا ومستقبلنا .. ودوركم في أعقاب دورنا .
وجلس الجميع على شكل دائرة كبيرة .. وابتدأ أحد المرشدين المرافقين للتلاميذ بالحديث .. يشرح لهم الهدف من هذه الزيارة .. ثم قال وقد رفع نبرة صوته وبدا عليه شيء من الحماسة : "هذه خيمة أخرى من خيام التصدي للإحتلال .. والتمسك بحق البقاء في مدينتنا المقدسة "، .. ثم جلس مشيراً إلى السادة النواب تاركاً لهم الكلام.
وقف النائب أحمد عطون يتفحص وجوه الحضور وقد بدا عليه أنه يحاول الحديث بأسلوب يجمع بين البساطة والعمق .. فأشار إلى أنه وإخوانه يشعرون بالسرور من هذه الزيارة التضامنية الرائعة .. وأنها ليست تضامناً بقدر ما هي إعادة اللقاء بين أعضاء الجسد الواحد .. وأكدّ أنهم يستمدون الهمّة من عزائم الزوار والمتضامنين .. وخاصة الفتيان والتلاميذ منهم .. وأخذ النائب عطون يسردُ للحضور مشاهد المأساة في المدينة المقدسة .. وكيف أنّ تعدد الخيام فيها يذكر بمسيرة الكفاح الطويل الذي أكد صوَر النكبة المتجددة .. وتعكس شراسة العدو وهمجيته .. وأنّ كل خيمة تحكي مأساة بحد ذاتها : فهذه "خيمة الشيخ جراح" التي يحتج أهلها على مصادرة منازل الحيّ .. وتلك "خيمة البستان" التي أقيمت وسط حيّ مهدد بالهدم ومصادرة أراضيه ..وفي بيت صفافا "خيمةدارصلاح" التي يُمنع أهلها من السكن في القدس .. وتجبرهم السلطات للعودة إلى حيث يقطن جدّهم في قضاء الخليل ..
" علينا أنْ ننصب خيمة في موقع كل كارثة تستهدفُ أهلنا ".. قال عطون وهو يشير بقبضتيه ..
وأضاف :" لقد سكن المسيحيون إلى عهد قريب بأمان مع أجدادنا في هذه المدينة وكذلك اليهود والضيوف .. وما أن احتلت الصهيونية فلسطين عام ثمانية وأربعين .. وانتهكت حرمة القدس والمقدسات .. حتى بات الجميع يبحث عن مأوى يسكنه مطمئناً.. أو لقمة يأكلها هانئاً.. أو مسجدٍ يناجي فيه ربه آمناً.. إنكم ترون العائلة المقدسية كيف تشتتت ما بين المدينة وضواحيها خارج الجدار العنصري أو ما بين السجن والإبعاد"... "مستقبلنا كله بين أيديكم غداً.. أنتم أملنا وفيكم تكمن عزتنا" .. ختم النائب عطون حديثه وهو ينظر إلى التلاميذ..
ولاحظ الوزير أبوعرفة تلميذاً يتململ في مكانه كأنه يريد أنْ يقول شيئاً !
سأله الوزير: ما اسمك ؟ قال : ثائر .
قال : تريد أنْ تسأل ؟
قال التلميذ وقد انتصب واقفاً : نعم .. " إذا أبعدتنا إسرائيل.. وأخرجتنا جميعاً من المدينة ، فكيف سندافع عنها ؟ كيف سنحتفظ ببيوتنا وأراضينا ؟ سأل التلميذ سؤاله ثم جلس .
همّ الوزير أنْ يجيب لكنه تردد لبرهة .. ثم قال وهو يرفعُ إصبعه : بالعلم طبعاً . فأنت وزملاؤك يا ثائر لا يمكن أنْ تفعلوا شيئاً مُهمّاً لقضايانا العادلة .. دون أن تحوزوا قسطاً كبيراً من العلوم والتخصّصَات .. والإحتلال يدرك ذلك .. لذا فهو يحاول جاهداً أنْ يصرفكم بشتى السبل عن تحصيل العلوم كما تعلمون .
وأخذ الوزير يشرح أهمية العلم والصبر على تلقيه .. " أنظروا معي كيف تسلك مجموعات مختلفة من الناس إزاء كتلة من الصّلب - مثلاً - تزنُ خمسة كيلوات .. فإحدى هذه المجموعات صنعت خناجرَ وسكاكين.. لتدفع عنها خصومها إذا ما نشبت بينهم نزاعات ! وأخرى اجتهدت فصنعت منها شفراتٍ حادة .. وباعتها بخمسين دينار . مجموعة ثالثة صنعت منها إبراً للخياطة وباعتها بمائتي دينار .. رابعة تمكنت من تحويل هذه الكتلة الحديدية إلى زنبركات دقيقة ، تُستخدم عادة في الآلات والماكنات .. وباعتها بثلاثة آلاف دينار ، وخامسة عملت منها زنبركات مشابهة ، ولكن غاية في الصغر وتستخدم في صناعات الساعات السويسرية ، فكان مردودها عند البيع خمسين ألف دينار . وسادسة فعلت ما لم تفعله سواها من المجموعات ، إذ صنعت أجزاء متناهية في الدقة ، وتحتاجها الأقمار الصناعية والإتصالات ووسائل الرصد العسكري .. وباعتها بمليوني دينار ..
هكذا إذن يصنع العلم بأهله .. أكمل الوزير قوله للتلاميذ وهو يُلوّح بكفه مبدياً عجبه ، وتساءل : هل فهمتم من حديثي وأدركتم كيف يستعيد الناسُ حقوقهَم .. فما بين الخنجر ودقائق الصناعات مساحة شاسعة ، وبحسب تقدير الإنسان لطبيعة عدوه وقداسة قضيته تكون همته إلى العلم..
وقف المرشد يشكر النواب والوزير .. وهو يشير إلى التلاميذ لكي يتهيئوا للمغادرة .. وتحرك النواب إلى حيث الباب لوداع الحضور أثناء الخروج .. بذات الإبتسامة والروح العالية التي استقبلوهم بها .. وكان من بيننا كذلك الفريق الصحفي الذي كان طيلة الوقت يتابع حركة التلاميذ بكاميرته وقلمه ..
غادرت الخيمة وأنا عازم للعودة غداً أو بعد غد .. فقد شعرت بارتياح كبير برغم الحزن والأسى الذي لا يفارقني كلما رأيت أو مررت على مأساة من مآسي القدس وفواجعها ...
المصدر الأقصى اون لاين
.......................................................................................................................................
حادث سير يوقع 7 اصابات قرب “معالي ادوميم” من بينها سيارة السفير الكندي أصيب سبعة مواطنين بجروح متفاوتة جراء حادث تصادم وقع بالقرب من مستوطنة معالي ادوميم، شرق القدس المحتلة ، وافادت مصادر في الشرطة الاحتلال ان سبعة مواطنين اصيبوا بجروح، اثنان بحالة متوسطة والاخرون بجروح
طفيفة جراء حادث سير وقع بين اربعة مركبات سببته مركبة “اسرائيلية” .
واضاف ان من بين المركبات الاربعة ، سيارتان دبلوماسيتان .
وحسب إذاعة الإحتلال، فإن الحادث وقع عندما اصطدمت سيارة اسرائيلية بسيارة فلسطينية وبسيارتين دبلوماسيتين, كان بداخل إحداهما السفير الكندي في السلطة الفلسطينية.
...................................................................................................................................
ألن تغضب
ألن تدافع عن الأقصى
ها هم يرسمون طريقا ليجدوه سلكاً أمامهم لماذا ؟؟؟؟
لأنك لن تغضب