الاحتلال يستكمل استيلاء أراضي قرية سعسع الفلسطينية المدمرة

الاحتلال يستكمل استيلاء أراضي قرية سعسع الفلسطينية المدمرة منذ 62 عاما

نادية سعدالدين

عمان – تجثم مستوطنة "ساسا" اليوم فوق مخطط استيلاء أراض زراعية خصبة تشكل امتداداً تاريخياً لقرية سعسع الفلسطينية التي أدرجت منذ اثني وستين عاماً في عداد القرى المدمرة بعد تشريد سكانها وارتكاب جرائم جماعية وصفها الاحتلال "بالمثالية".
وتقتنص أعين المستعمرة اليوم أراضي زراعية مجاورة لاحتلالها وتوسيع الرقعة الجغرافية التي ترممت على أنقاضها العام 1948 بمساحة 15 ألف دونم بعد تدمير قرية سعسع وتشريد أهلها البالغ عددهم آنذاك زهاء 1300 نسمة.
وعكست مذبحة الاحتلال ضد أهالي قرية سعسع الرابضة فوق منطقة الجليل نموذجاً للإرهاب المؤسسي المنظم، وذلك حينما زرعت قوات البالماخ الصهيونية ليلة الرابع عشر من شباط (فبراير) 1948 عبوات ناسفة في عشرين منزلاً ثم فجرتها على رؤوس أصحابها وهم نائمون.
واستكملت قوات الاحتلال ارهابها بشن هجوم على القرية أسفر عن استشهاد 60 فلسطينياً، معظمهم من النساء والأطفال، وذلك بذريعة "تشكيلها قاعدة عسكرية للمقاومة الفلسطينية".
وأردفت جريمتها بهجوم جديد شنته على القرية في الثلاثين من تشرين الأول (أكتوبر) 1948، فأعدمت عدداً من رجال القرية وطردت من تبقى من أهلها، أغلبهم يعيش اليوم في مخيمي نهر البارد والرشيدية بلبنان، وأقامت مستوطنة على أنقاضها.
وأقرت سلطات الاحتلال متأخرة، بارتكاب عمليات قتل جماعي ضد أهالي القرية، حسبما جاء على لسان قائد أركان قوات "الهاغاناة" يسرائيل غاليلي، الذي أخبر زعماء حزب المابام (نواة حزب العمل فيما بعد) في اجتماع عقد بعد أسبوع من سقوط القرية أن "القوات طردت وقتلت القرويين".
فيما ذكر قائد الجبهة الشمالية الإسرائيلية آنذاك موشيه كرمل أنه شاهد أثر احتلال قرية سعسع رجلا طويل القامة منحنيا يحفر في التراب الصخري بأظفار يديه وقام بإنزال طفل مات في حضن والدته، ثم وضع التراب عليه وغطاه بحجارة صغيرة، بما يشي عن أحد مشاهد جرائم الاحتلال.
وسارعت سلطات الاحتلال للانقضاض على التاريخ والأرض الفلسطينية، حيث جرفت آلياتها منازل القرية المتلاصقة والمبنية من الحجر والطين ومسجدها ومدرستيها ومبانيها المدللة على عهد تاريخي عربي إسلامي قديم، مستولية في الوقت نفسه على ينابيعها ومزارعها الغنية بأشجار التين والزيتون والعنب.
وهدف الاحتلال من وراء استيلاء سعسع إلى السيطرة على موقعها الاستراتيجي المهم، حيث تقع إلى الشمال الغربي من مدينة صفد على بعد 15 كم منها، وعلى تل صخري يرتفع 825 متراً عن سطح البحر في قلب جبال الجليل الأعلى.
وتتحكم القرية بمحور تقاطع شبكة الطرق الرئيسية من والى صفد التي تربطها بقرى قضاء صفد والمدن القريبة منها، والمحيطة بها مثل أراضي قرى كفر برعم وغباطية والجش وحرفيش. وإزاء قرب القرية من لبنان، فقد أقام البريطانيون إبان الانتداب أبراج مراقبة وسياجات من الأسلاك الشائكة أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي، لرصد نشاط المقاومة الفلسطينية والحؤول دون حصولها على إمدادات من وراء الحدود بين فلسطين ولبنان.
وتشكل قرية سعسع الفلسطينية جزءاً من 531 قرية دمرها الاحتلال العام 1948، وشرد نحو 900 ألف لاجئ فلسطيني، وصادر العديد من الأراضي العربية تمهيداً للاستيلاء على زهاء 79% منها.
جرائم الاحتلال
فيما ما تزال جرائم الاحتلال ماثلة، حيث مذبحة قريتي الشيخ وحواسة في 31 كانون الأول (ديسمبر) 1947 التي أسفرت عن سقوط نحو 30 شخصاً بين شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال.
وارتكبت مذبحة دير ياسين في التاسع من نيسان (إبريل) 1948 التي استشهد فيها زهاء 260 عربياً من أهالي القرية العزل، فيما أوقفت العشرات من أهالي القرية صوب الحائط وأطلقت النار عليهم، وألقت بنحو 53 من الأطفال الأحياء وراء سور المدينة القديمة.
وفتحت سلطات الاحتلال نيران أسلحتها على أهالي قرية ناصر الدين المدمرة في 14 نيسان (ابريل) 1948 ولم ينج منهم سوى 40 عربياً استطاعوا الفرار إلى القرية المجاورة. وفي أوائل تموز (يوليو) اقترفت قوات البالماخ مذبحة أخرى في اللد وأسفرت عن استشهاد 250 فلسطينياً مدنياً. وارتكبت مذبحة مخالين في 29 من آذار (مارس) 1954 التي استشهد فيها 14 عربياً وجرح 14 آخرون، ألحقتها بمذبحة قطاع غزة في 2 نيسان (فبراير) 1955 التي ذهب ضحيتها 39 شهيداً و33 جريحاً، وفي الرابع والخامس من نيسان (ابريل) من العام 1956 قصفت مدافع جيش الاحتلال مدينة غزة فاستشهد 56 عربيا وجرح 103 آخرون.
وارتكبت مذبحة عين الحلوة في 16 أيار (مايو) 1984 عشية الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان والتي أسفرت عن سقوط 15 فلسطينياً بين شهيد وجريح، فضلاً عن تدمير 140 منزلا واعتقال 150 شخصاً.
فيما تجسد العنف الصهيوني في قمع الانتفاضة الفلسطينية 1987 التي أسفرت عن سقوط ألف شهيد ونحو 90 ألف جريح، وفي انتفاضة الأقصى 2000 التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 4500 فلسطيني واعتقال نحو 9000 أسير في سجون الاحتلال.
بينما تواترت الجرائم ضد المصلين في الحرم الإبراهمي الشريف العام 1994، ما أسفر عن استشهاد 60 فلسطينياً وجرح العشرات، ومن ثم مجزرة قانا عامي 1996 و2006 ومجزرة بيت حانون في قطاع غزة، ومن ثم العدوان على الأراضي اللبنانية 2006 وقطاع غزة 2008/ 2009.
وتهدد سلطات الاحتلال بشن عدوان جديد على قطاع غزة، بينما تواصل ممارساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة وسط صمت دولي وعربي مطبق.

» في الذكرى61 لأغتصاب ومجزرة قرية الدوايمة الفلسطينية شاهد مباشرة مسلسل التغريبة الفلسطينية بدون تحميل في منتديات قرية الدوايمة
» قرية صفورية المدمرة ومسيرة العودة
» المستوطنون يسيطرون على 42% من أراضي الضفة ويصادرون 21% من الأراضي الفلسطينية
» القرى الفلسطينية المدمرة قرى قضاء صفد
» تعرف على عجور القرية الفلسطينية المدمرة