اسرائيل تكرر اسلوب اختطاف فانون العام 1986 من جديد هذا العام

الأحد مارس 27 2011



المهندس ابو سيسي رهن الاعتقال الاسرائيلي

لندن – – نشرت صحيفة "ذي صنداي تايمز" البريطانية اليوم الاحد مقالاً تناول قصة اختفاء مهندس فلسطيني، وقيام مخابرات الـ"موساد" الاسرائيلية باختطافه في اول حادث اختطاف منذ العام 1986 واحتجازه

وقالت الصحيفة البريطانية انه على بعد اكثر من 1200 ميل عن غزة التي مزقتها الحرب، شعر المهندس الفلسطيني بالامان وهو يدخل عربة القطار الليلي في خاركيف شرقي اوكرانيا. كان في طريقه الى العاصمة كييف، وقد خطط للبدء بحياة جديدة مع عائلته في تلك الدولة.

غير ان المهندس ضرار ابو سيسي (42 سنة) الذي استقال من عمله نائبا لمدير محطة الطاقة الوحيدة في غزة، ما لبث ان اختفى بعد الساعة الواحدة بقليل. وبدأت زوجته الاوكرانية فيرونيكا عملية بحث محمومة.

لكنه اتصل بها في 27 شباط ( فبراير)، أي بعد ثمانية ايام من اختفائه، ليقول لها انه معتقل في احد سجون اسرائيل.

وتظل الدوافع وراء عملية الاختطاف غامضة، رغم الكشف عن اول التفصيلات المتعلقة بعملية سرية للغاية يقوم بها الـ"موساد"، جهاز المخابرات السرية الاسرائيلي. الا ان من المعتقد ان العملية هي الاولى منذ العام 1986 عندما اختطف مردخاي فانون، الذي كشف أسرار النشاط الاسرائيلي


زوجة المهندس

النووي.

وقال ابو سيسي الاسبوع الماضي في تقريره الى مجموعة حقوق انسان، ان رجلين مفتولي العضلات تظاهرا بانهما من حرس الامن، قاما بنقله من القطار بالقوة في الليل البهيم قرب مدينة بولتافا. وانهما وضعا القيد في معصميه وقلنسوة على عينيه، وقادا السيارة وهو فيها الى شقة في كييف، حيث قام ستة من عملاء الـ"موساد" على الاقل باستجوابه قبل نقله سرا الى اسرائيل.

وقد التزمت السلطات الاسرائيلية الصمت لحوالي شهر ورفضت ان تؤكد انها تحتجز ابو سيسي. وحظرت وكالات تنفيذ القانون على الصحافة المحلية نشر تفاصيل عملية اعتقاله وسجنه. ولما يزل المهندس المختطف في السجن منذ 37 يوما من دون ان توجه اليه اي تهمة.

وقالت فيرونيكا، وهي مدرسة العزف على الكمان التي اعتنقت الاسلام لتتزوج من زوجها الذي التقت به عندما كان يدرس في اوكرانيا كشاب في مقتبل العمر، انه "امر مشين للغاية".

وقالت ايضا ان "عملاء الموساد اختطفوا زوجي بوقاحة في بلد ديمقراطي، حيث كان يقيم بصورة شرعية تماما. وقد اختطفوه ثم قاموا بتهريبه وسجنه. ان ذلك عمل ينافي حقوق الانسان تماما. ولم اشاهد زوجي منذ ستة اسابيع، ولا يزال يلفنا الغموض فيما يتعلق بما


نجلا المهندس المختطف ماريا 3 سنوات واسامة 18 شهرا امام مقر "انوروا" في غزة

اتهم به. وليس من المعقول ان السلطات الاسرائيلية تستطيع ان تفلت من تحمل مسؤولية هذه الاساليب".

وفي الاسبوع الماضي، نقل أبوسيسي الى قاعة احدى المحاكم عبر احد المنافذ الجانبية حتى لا تلتقط صورته. وقال لمحاميه انه مرهق نتيجة الاستجواب المتواصل. وقالت زوجته انه بدا متوعكا وفقد اكثر من عشر كيلوغرامات من وزنه منذ اختطافه. وقد مدد القاضي فترة اعتقاله احتياطيا لمدة اسبوع.

واستدعت الحكومة الاوكرانية السفير الاسرائيلي الاسبوع الماضي وطلبت تفسيرا لعملية الاختطاف. وتشك مصادر في كييف بان الـ"موساد" تحرك من تلقاء ذاته من دون مساعدة من جهاز الاستخبارات الاوكرانية.

ولم يتضح بعد لماذا تتخذ الـ"موساد" مثل هذا الاجراء لاعتقال مهندس مدني لا يعرف عنه ان له علاقة بالارهاب. وقالت فيرونيكا ان زوجها لم يكن شخصية سياسية، ورفضت ما قيل من امكان أن تكون له علاقة بـ"حماس".

وقال احد خبراء الامن "انها عملية غير عادية. ولو أن الـ"موساد" كانت تشتبه بان ابوسيسي شخصية مهمة في "حماس"، لقامت بقتله. ولكن لماذا تتجشم عناء اختطافه؟ ثم انه ما الذي يدعوها الى مثل هذه العملية الصفيقة لشخصية في الدرجة الدنيا لحماس. من الواضح ان
هناك اكثر مما تراه


إعتصام أمام مقر "انوروا" تضامناً مع المهندس أبو سيسي

العين المجردة او تسمعه
الاذن"

وكان المهندس الذي ولد في الاردن قد عمل في محطة توليد الطاقة قبل وقت طويل من استيلاء "حماس" على السلطة في قطاع غزة العام 2006. ويقول اصدقاؤه ان اي اتصال بينه وبين "حماس" كان رسميا تماما. وقالت فيرونيكا ابوسيسي ان زوجها لم يكن تحيطه شبهة العلاقة بالارهاب. وكانت تظن في بادئ الامر ان عصابة اجرامية كانت تسعى وراء الحصول على فدية، وليس الـ"موساد".

وقالت "لقد عشنا في غزة طول هذه السنين ولم يكن هناك أي سبب لذلك سوا ان راتبه كان مغريا".

"كنا نخطط للانتقال الى اوكرانيا وتنشئة اطفالنا في امان. وكان علي ان اعلن عن مدخراتي عندما ملأت الاستمارات، لذلك تصورت ان الامر يتعلق بمجرمين. لم يكن لدي اي سبب لاشك في الموساد".

اما الان فانها تعتقد ان اسرائيل اختطفت زوجها لتخريب محطة توليد الطاقة في غزة. "لقد كان العقل المفكر وراء محطة الكهرباء الوحيدة في غزة. انها هدف استراتيجي يريدون تعطيله عن العمل".

وقال احد مصادر الامن في اوكرانيا انه يشك في ان تكون عملية الاختطاف مرتبطة بمعلومات حصل عليها خلال عمله في غزة.

ويعيد اختطاف ابوسيسي الى الذاكرة حادث اختطاف عملاء "الموساد" العام 1986 لفانون، الفني الاسرائيلي الذي كشف لصحيفة "صنداي تايمز"تفاصيل برنامج اسلحة اسرائيل النووية. وقد اغري فانون بالذهاب الى ايطاليا من بريطانيا بمكيدة موسادية، ثم جرى تخديره وتهريبه الى اسرائيل، حيث قضى 18 عاما في السجن بتهمة الخيانة.

وتقول فيرونيكا "اذا كانت لديهم اي ادلة ضد زوجي فان عليهم ابرازها امام المحكمة. ويصعب علي ان اواجه اطفالي. فلقد ذهبنا الى اوكرانيا بحثا عن حياة افضل لهم، وبدلا من ذلك انتهى الامر باختفاء والدهم".