غولدستون القاضي الخائف من نتنياهو!

غولدستون القاضي الخائف من نتنياهو!

الكاتب : د.عايدة النجار

شيء محيّر ولكنه أيضاً مفهوم قدرة إسرائيل على تهديد وتلويث سمعة، وبهدلة من يحاول أن يكون موضوعيا ويرى بعين الحقيقة و يلتزم بالقوانين الإنسانية لكشف الحقائق التي قامت بها إسرائيل من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة في حربها القذرة التي سمتها «الرصاص المسكوب». وقد شهدها العالم أجمع بالعين الواضحة على الفضائيات التي لم تبق شيئاً إلا وأوصلته للناس جميعاً عن مثل قبيح لمجازر إسرائيل ضد العزل والأطفال والنساء. وقد قام القاضي ريتشارد جولدستون «النزيه» وهو يهودي من جنوب إفريقيا المكلف من الأمم المتحدة، بتوثيق جرائم إسرائيل بشكل مهني وموضوعي و هو الخبير في مثل هذا العمل بكشف الحقائق عن حروب إبادة سابقة في رواندا ويوغسلافيا السابقة، ولذلك صفقنا له مع العالم الموضوعي واعتبرنا تقريره نزيهاً ومهنياً. وفي تقريره عن حرب غزة لإسرائيل المسعورة فقد وضّح الصورة التي تستحق إسرائيل على فعلتها العقاب والحساب وعدم الإفلات من العدالة. نعم.. كتبنا.. وأنا أحد الذين وجدوا في تقريره ما يشفي غليل العالم أن وقت عقاب إسرائيل قد أزف. كتبت آنذاك مقالين عن تقريره «قبل جنيف وأخر بعد جنيف» وتناوله الكتاب والصحفيون بالإشادة لأنه كان مخلصاً للإنسانية ودون تحيّز»ليهوديته».

وفي خضم ما يجري في الشارع العربي من حراك حبس الأفكار والعيون أمام الفضائيات، حركت إسرائيل جولدستون ليقول التوبة.. التوبة... وليخطئ نفسه وليعلن «الندم الأكبر «ولتشعره أنه» المخطئ التاريخي الكبير» وعليه أيضاً أن يعتذر لإسرائيل أو للصهيونية التي لا زالت تعيث في الأرض فساداً بأسماء مختلفة.. وكانت قد حبسته بعد تقريره في«نفسه» وهاجس الخوف يثقل كاهله ويسلبه الحرية و هي تعزله وتشوه سمعته وتحرمه من العلاقات الإنسانية الطبيعية مع عائلته اليهودية. وهذا أسلوب صهيوني دعائي تقوم به منذ أن قررت سرقة الأرض الفلسطينية العربية من أهلها. فقد وضعت خطة إعلامية دعائية محكمة في أواخر القرن التاسع عشر، في مؤتمر بازل 1897 ورصدت له الأموال ليطبق في جميع أنحاء العالم حيث تتغلغل الصهيونية بشكل واضح أو مخفي حتى يومنا هذا.

نتنياهو وقد نجح مع الصهيونية إلى حد المطالبة «بسحب التقرير ورميه في مزلة التاريخ». ويبدو أنه يريد أن يقرأه أو يحتفل بنجاحه الفاشل وهو نفسه قد أصبح في مزبلة التاريخ إذ له مكان عال هناك اليوم وفي المستقبل. ولعل القاضي الخائف من نتنياهو على الأقل لا يتراجع أكثر.. وبهذا الشكل الذي سيضر بسمعته المهنية التي عرف عنها أنها نظيفة. ولا يزال هناك متسعاً من الوقت لفضح إسرائيل نفسها وتذكير العالم وتذكير الأمم المتحدة بهذا التذبذب التي يهز سمعة الأمم المتحدة ومن يؤيدها. فالمعروف أن إسرائيل دولة عنصرية وأية تراجعات من قبل الأمم المتحدة سيضر أيضاً بالمنظمة الدولية التي تحتفظ بتقرير جولدستون كما جميع التقارير العالمية لمجرمي العالم وبشهادة اللجان والقضاة. ولا أظن أن تراجع جولدستون سيفيد، فإن التاريخ قد سجل الوقائع وسجل أيضاً أنه رغم يهوديته قال الحقيقة ولكنه أيضاً خاف تحت الضغوط عليه من الصهيونية العالمية وأعوانها والتي لا نؤيدها رغم أن الخوف عاطفة إنسانية، ولا عذر له وهو القاضي الذي يجب أن يظل يحب نفسه ويحب الإنسان ويدافع عن قضاياه العادلة للقضية الفلسطينية.!!!.