مذبحة دير ياسين: 63 عاما على ذاكرة من دم

دير ياسين: عندما رقدت الأحلام في التراب

سمية علي

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

حدث ذلك في دير ياسين. يستكين الإسم في الذاكرة، أما المكان فقد أضاع ملامحه: استحال مستوطنة. في هواء دير ياسين، تلك القرية الفلسطينية التي تقع غربي مدينة القدس، ثمة شيء مختلف، أصوات احتفظ بها الفضاء لأطفال وأناس كانوا يتحدثون عن أحلامهم، عن الأرض، عن الدخلاء، عن موت قريب. فجر التاسع من نيسان \ أبريل عام 1948، رقدت تلك الأحلام والأحاديث في التراب، ما بين 250 إلى 360 شخصاً رحلوا، حدث ذلك بعد أن قررت عصابتي الأرجون وشتيرن ارتكاب مجزرة.

في ربيع عام 1948م، تنامت الأحقاد وارتفعت وتيرة الصراع بين اليهود والعرب، خصوصاً بعد سحب المملكة المتحدة قواتها من فلسطين، وقيام ما يسمى بجيش التحرير العربي المؤلف من الفلسطينيين ومتطوعين من مختلف البلدان العربية، بالهجوم على الطرق الرابطة بين المستوطنات اليهودية حيث تمكنوا من قطع الطريق الرئيسي بين مدينة تل أبيب وغرب القدس مما ترك 16% من اليهود في حالة حصار.

هنا قرر اليهود شنّ هجوم مضاد على الطرقات الرئيسية. فقامت عصابتي أرجون وشتيرن الصهيونيتين بالهجوم على قرية دير ياسين الصغيرة والتي رأى القادة العسكريون أنه من السهل السيطرة عليها، مما سيؤدي إلى رفع الروح المعنوية لدى اليهود.

بالرغم من أنه لم يكن قد مضى أسبوعين على توقيع معاهدة سلام بين رؤساء المستوطنات اليهودية المجاورة وأهالي قرية دير ياسين، هاجمت عناصر من الأرجون وشتيرن القرية قرابة الساعة الثالثة فجراً، لكنهم فوجئوا بنيران القرويين التي لم تكن بالحسبان مما أدّى إلى مقتل أربعة من اليهود وجرح 32 آخرين. هنا طلب المهاجمون المساندة من قيادة الهاجاناه في القدس، عقب ذلك استطاع المهاجمون الإستيلاء على القرية بعدما ارتكبوا مجزرة بحق أهلها العزّل.

بعد مجزرة دير ياسين، تزايدت الهجرة الفلسطينية إلى البلدان العربية المجاورة نتيجة الرعب الذي دبّ في النفوس. وبعد المذبحة، استوطن اليهود القرية وفي عام 1980 قاموا ببناء منازلهم فوق أنقاض المباني الأصلية، كما أسموا الشوارع بأسماء مقاتلي الأرجون المتطرفين الذين نفذوا المذبحة. يتساءل الكاتب كارل صباغ في كتابه "فلسطين: تاريخ شخصي"، أنه ما الذي كان يتوجب على أهالي دير ياسين القيام به "ليثبتوا لليهود صدق نواياهم في السلم والأمن؟ كان الحكم في نهاية المطاف يشير إلى أنهم عرب، يعيشون في أرض أرادها اليهود لأنفسهم". ربما يستطيع الوقت في كثير من الأحيان ابتلاع الأحداث، لكن دير ياسين لم تكن حدثاً، كانت هوية لبقعة هادئة، دفن فيها سكان الأرض الذين لا تزال أنفاسهم تعانق الهواء.