مذبحة دير ياسين تعود بعد 62 عاما لتؤرق اسرائيل المصابة بفقدان الذاكرة

مذبحة دير ياسين تعود بعد 62 عاما لتؤرق اسرائيل المصابة بفقدان الذاكرة

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

62 عاما على مذبحة دير ياسين
الأثنين مايو 10 2010

لندن – [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] – كثير ممن يتوجهون الى مدينة القدس من ضحايا الاوهام والتهيؤات الغريبة، ومن بينهم من يعتقدون انهم المسيح المنقذ، يتم نقلهم عادةً الى مستشفى الامراض العقلية في كفار شاؤل في ضواحي المدينة، حيث يعالجون بعناية. ومن سخريات القدر ان المرضى في كفار شاؤل يستشفون من انواع مختلفة من فقدان الذاكرة فوق الارض ذاتها التي سعت اسرائيل الى محوها من ذاكرتها الجماعية.

بهذا بدأت كاترينا ستيوارت مراسلة صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية في القدس مقالها عن مذبحة دير ياسن في الذكرى السنوية الـ62 على قيام العصابات الصهيوينة بارتكابها. وتقول ستيوارت ان تلك الارض التي يقوم عليها مستشفى الامراض العقلية وحدائقه هي ارض قرية دير ياسين "القرية العربية التي اخليت من سكانها في العام 1948 على ايدي القوات اليهودية في معركة وحشية قبل اسابيع قليلة من قيام اسرائيل، والتي اصبحت رمزا ربما اكثر من غيرها لاحساس الفلسطينيين بالطرد والسلب.

"ويظل ما حصل في دير ياسين في التاسع من ايار (نيسان) قبل اثنين وستين عاماً خفيا خلف اكاذيب ومبالغات وتناقضات. اما الان فان صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية الليبرالية تسعى لكسر القشرة التي تغلف الغموض بمطالبة المحكمة العليا الاسرائيلية السماح بنشر الادلة الخطية والمصورة المدفونة في اعماق في الارشيفات العسكرية. ويقول الفلسطينيون الناجون من دير ياسين التي كان يقطنها 400 فلسطيني ان اليهود ارتكبوا مجزرة جماعية هناك، ما دفع الفلسطينيين الى الهروب بالالاف، وقوض الرواية الاسرائيليالتي طالما ادعت انهم هاجروا من تلقاء انفسهم.

تقول الرواية الاسرائيلية المناقضة ان دير ياسين كانت موقعا لمعركة ضارية عندما واجهت القوات اليهودية على غير انتظار مقاومة شديدة من القرى. وادعت ان المصابين جميعا لاقوا حتفهم في القتال.

وتقول الصحافية ايضا ان "احدى طالبات الفنون الاسرائيليات وتدعى نيتا شوشاني طلبت العام 2006 السماح لها بالاطلاع على ارشيف دير ياسين للمساعدة في اعداد مشروع جامعي، ظنا منها ان الحظر الذي فرض قبل 50 عاما على سرية المستندات قد انتهت فاعليته بحكم مرور الوقت قبل ثماني سنوات. وقد سمح لها بالاطلاع على جزء محدود من المواد، وقيل لها انه صدرت تعليمات بتمديد الحظر على مستندات اكثر حساسية. وعندما استفسر احد المحامين عن ذلك، تبين ان لجنة وزارية مددت من تلقاء ذاتها الحظر لاكثر من سنة بعد اول طلب للطالبة شوشاني، ويمتد الحظر حتى العام 2012.

"وفي الدفاع عن حقها في الاحتفاظ بالمستندات طي الكتمان، قالت الدولة الاسرائيلية ان نشرها يلطخ سمعة البلاد في الخارج ويشعل التوتر العربي - الاسرائيلي. غير ان "هآرتس" وشوشاني ردتا بان للجمهور الحق في معرفة ماضيه ومواجهته.

"ولم يصدر بعد قرار المحكمة التي اطلعت على الادلة المحفوظة لدى اسرائيل عن دير ياسين، وما اذا كان سيسمح بالاطلاع على المزيد منها. ومن المعتقد ان من بين المستندات التي قد تكون في حوزة الحكومة الاسرائيلية تقريراً دامغاً اعده مائير بائيل، الضابط اليهودي الذي ندد بزملائه لما اتسموا به من تعطش لسفك الدماء وتصرف مشين في ذلك اليوم. كما ان الكثير من صور الناجين لا تقل ادانة عن ذلك.

ويقول دانيل ماكغوان، وهو استاذ جامعي اميركي متقاعد عمل لدى هيئة "ذكرى دير ياسين" ان "الصور توضح بجلاء ان مذبحة وقعت هناك. وتظهر القرويين وقد اصطفوا عند حائط احد المحاجر وقتلوا رميا بالرصاص".

كانت الامم المتحدة قد اوصت العام 1947 بخطة تقسيم فلسطين الى دولة يهودية واخرى عربية، بحيث تظل القدس مدينة دولية. وقد عارض العرب الخطة ودارت اشتباكات بالنظر الى ان كل جانب سارع للاستيلاء على اراض قبل انتهاء الانتداب البريطاني. وفي نيسان (ابريل) 1948

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

احدى الناجيات من المذبحة تروي ذكرياتها

قامت منظمة الـ"هاغانا"، النواة التي سبقت تشكيل الجيش الاسرائيلي، بعمليات عسكرية لضمان المرور الآمن في ما بين المناطق اليهودية بالاستيلاء على قرى عربية تقع على اراض مرتفعة عن الطريق الى القدس.

ووضعت عصابتا "ارغون" و"شتيرن"، وهما عصابتان مسلحتان منفصلتان، خططا منفردة للاستيلاء على قرية دير ياسين الاستراتيجية بعملية اقتحام قبل فجر التاسع من نيسان (ابريل) 1948، رغم ان القرويين وقعوا على تعهد بعدم الاعتداء مع اليهود والتزموا بها. ويظل ما حصل بعد ذلك موضع أخذ ورد. ففي كتابه "الثورة" يستعيد مناحم بيغن، الذي تولى رئاسة الحكومة الاسرائيلية في ايام لاحقة، الاسلوب الذي اتبعته القوات اليهودية مستخدمة مكبرات الصوت لتحذير كل القرويين بمغادرة قراهم. ومن بقي منهم قاتلوا مهاجميهم.

وكتب بيغن، الذي لم يحضر المعركة بنفسه، ان "رجالنا اضطروا للقتال من بيت الى اخر. وللتغلب على العدو استخدموا اعدادا كبيرة من القنابل اليدوية. اما المدنيون الذين اهملوا التحذيرات فقد وقعوا ضحايا. وانا مقتنع ان ضباطنا ورجالنا كانوا يرغبون في تحاشي اي اصابة غير ضرورية"

"غير ان ذكريات الناجين وشهود العيان تتحدى ما ورد على لسان بيغن. ويقول عبد القادر زيدان، وكان في الثانية والعشرين من العمر العام 1948، انه انضم الى مجموعة من 30 مقاتلا من القرية لصد الهجوم الاسرائيلي المفاجئ، رغم انهم كانوا بلا ريب اقل عددا.

ويضيف انهم "دخلوا المساكن واطلقوا النار على سكانها. قتلوا كل شخص امامهم، والنساء والاطفال". وقد فقد زيدان اربعة من افراد عائلته بينهم والده واثنان من اشقائه في المعركة. وهو الان في سن الشيخوخة ويبلغ من العمر 84 سنة ويعيش في احدى قرى الضفة الغربية، ويقول انه يتذكر كل شيء كما لو كان قد وقع بالامس. وتلقى شهادات الناجين تأييد الضابط الاسرائيلي بائيل الذي نشرت شهادة عيانه المفصلة في العام 1998.

"وبعد ان هدأت حدة القتال وصف بائيل كيف وصلت الى سمعه طلقات نار من داخل المساكن وانه ذهب ليتحقق من الامر. وهناك شاهد الجنود وهم يجبرون القرويين على الوقوف في زوايا مساكنهم ويطلقون عليهم الرصاص. وبعد وقت قصير شاهد مجموعة من السجناء تتألف من حوالي 25 شخصا يُقادون الى احد المحاجر بين دير ياسين ومستوطنة "غيبعات شاؤول" المجاورة. وتمكن هو وزميل له من مشاهدة كل ما يجري والتقاط صور فوتوغرافية من موقع مرتفع. وقال انهم "اوقفوا السجناء عند حائط هناك وقتلوهم جميعا". ووصف بائيل كيف ان اليهود من مستوطنة "غبعات شاؤول" المجاورة تقدموا اخيرا لوقف المذبحة.

"وبعد الفوضى والغضب حول مقتل السكان في دير ياسين، نشر الجانبان اعدادا مبالغا فيها بالنسبة الى لقتلى الفلسطينيين لاسباب مختلفة: الفلسطينيون كانوا يريدون حث الناس على المقاومة وجذب انتباه الدول العربية على امل مساعدتهم. اما اليهود فكانوا يريدون دب الذعر في قلوب الفلسطينيين من القتال.

وبعد ان هدأ الغبار، بدأ زيدان وآخرون من الناجين بحصر عدد المفقودين، وتوصلوا الى ان105 فلسطينيين قتلوا في دير ياسين، وليس 250 قتيلا كما تردد باستمرار. وقتل 4 من اليهود. لكن المحظور قد وقع. وادت التقارير الواردة عن دير ياسين الى انهيار تام في المعنويات، واعتبر كثير من المؤرخين تلك الحادثة اكبر حافز منفرد لهروب الفلسطينيين. وحسب تقديرات الامم المتحدة فان 750 الف فلسطيني هجروا منازلهم في نهاية "حرب الاستقلال" او بالاحرى "النكبة" العام 1948، وهو ما يعادل حوالي 60 في المائة من الفلسطينيين قبل الحرب.

"واذا انت ذكرت دير ياسين الان لمعظم الشبان الاسرائيليين فانها لا تجد مكانا لها في ذاكرتهم. وعلى مسافة قصيرة من مستشفى كفار شاؤول، هز اثنان من الشبان رأسيهما لعدم معرفتهما بما يعني السؤال عن دير ياسين. قالا لم نسمع بها قط.

"ويقول البروفيسور ماكغوان: "يعمد معظم الاسرائيليين الى التعامل مع هذا الموضوع بالصمت تام. فهم لا ينكرونه لكنهم لا يريدون الحديث عنه".

وتبقى المسألة بين ايدي المحاكم الاسرائيلية لاتخاذ قرار بشأن ما اذا كان جدار ذلك الصمت سوف ينهار. وتقول شوشاني ان "هذا حدث كبير ومهم في تاريخنا هنا. فقد كانت اول قرية استولينا عليها، وكانت لها دلالات كبيرة على الحرب التي قامت بعدها. وعلينا ان نتعامل مع ماضينا من اجلنا نحن".

» مذبحة دير ياسين: 63 عاما على ذاكرة من دم
» نتنياهو يرسخ عنصرية اسرائيل بقراره تعديل قانون الجنسية ليتضمن يمين الولاء لـ"اسرائيل يهودية وديموقراطية"
» جرائم اسرائيل بأثر رجعي خليل الصمادي مذبحة الدوايمة
» اسرائيل توافق على اعادة جثمان شهيد محتجز منذ 35 عاما بمقابر الارقام
» الدوايمة / فضائح اسرائيل تجسس اسرائيل على أمريكا الحلقة الثانية