اسرائيل توافق على اعادة جثمان شهيد محتجز منذ 35 عاما بمقابر الارقام

اسرائيل توافق على اعادة جثمان شهيد محتجز منذ 35 عاما بمقابر الارقام

بأمل لا ينتهي وبصبر طال خمسة وثلاثين عاما... ستتمكن الحاجة حفيظة أبو زنط في عمرها الذي تجاوز الثمانين أخيراً من زيارة قبر ابنها (الشهيد حافظ محمد حسين أبو زنط)، وسينتهي بتشييعه ودفنه وفق الأصول الإسلامية في مدينته بنابلس، وبما يليق بمكانته كمقاوم استشهد في أرض معركة مع الاحتلال فصول ومعاناة العائلة، وسيشطب رقم الشهيد حافظ من سجل مقابر الأرقام.

فبعد عشرات الرسائل التي وُجهت إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ومئات المناشدات إلى الجانب الإسرائيلي للإفراج عن جثامين الشهداء المحتجزين لديها منذ عدة سنوات، وانتظار تحملته والدة الشهيد حافظ وعائلته، وافقت النيابة العامة الإسرائيلية على إعادة جثمانه بعد التماس قدمه مركز القدس للمساعدة القانونيّة وحقوق الإنسان بواسطة المحامي هيثم خطيب، ومتابعة حثيثة من قبله دامت أكثر من عام.

وأوضح المركز في بيان صحفي، أن النيابة العامة أبلغت المحكمة الإسرائيلية العليا، موافقتها على تسليم جثمان الشهيد أبو زنط بشرط مطابقة ( فحص DNA)، على أن تقوم عائلة الشهيد أو من ينوب عنها بتحمل تكاليف الفحص، مشيراً إلى أنّ محامي المركز هيثم خطيب، قدّم الالتماس في نهاية العام الماضي وبعد متابعة حثيثة خلال الشهور الأخيرة مع النيابة العامة التي تمثل القائد العسكري تم ابلاغه بقرار الموافقة.

وقد عبّر ناصر أبو زنط شقيق الشهيد حافظ عن سعادته بهذا الانجاز وقال: "لم ينقطع الأمل في أي يوم باسترداد جثمان أخي".

كما استرجع ذكرياته حول خبر استشهاد شقيقه حافظ حيث يقول: "كنت صغيرا لكن اتذكر حسب روايات والدي انه في البداية لم يتم اخبار العائلة ولم تكن تعلم بأي نشاط عسكري لشقيقي، وقد اذاعت الاذاعة الاسرائيلية الخبر عبر اثيرها وذكرت اسماء الشهداء، ولم نتأكد من ذلك حتى توجهنا الى الدوائر الاردنية".

من جهتها عبرت العائلة عن فرحتها وارتياحها للتمكن من استعادة جثمان الشهيد حافظ لما لهذا الموضوع من خصوصية لقدسيته وحساسيته، حيث أن ابنها قدم لهذا الوطن حياته ومن حقه ان يتم دفنه، كما أنه أبسط حقوق الموتى حسب الشرائع الدولية.

تفاصيل متابعة القضية..

وذكر المركز في بيان خاص، تأكيد المحامي خطيب أن النيابة العامة وبعد حصولها على موافقة الجهات المختصة، أبلغت المحكمة العليا قبول الالتماس والموافقة على إرجاع جثمان الشهيد أبو زنط لعائلته وذلك بعد التأكد من هوية الجثمان وأنها تعود حقا له عن طريق فحص الـ DNA.

وأشار المحامي الخطيب أن جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب المحتجزة فيما يعرف "مقابر الأرقام" تخضع من الناحية الإدارية إلى قيادة الأركان العامة الإسرائيلية.

وقال المحامي الخطيب: "بعد إتمام قضية الشهيد مشهور العاروري توجهت برسائل باسم عائلة الشهيد أبو زنط للمستشار القضائي مطالبا إياهم بإرجاع جثمانه لوالدته السيدة حفيظة أبو زنط وعائلتها، وذلك كي تقوم بدفنه حسب الأصول الدينية وتشييعه بجنازة تليق بالشهيد وإضافة لذلك طالبت بالسماح لوالدة الشهيد بزيارة ضريح ولدها في مقابر الأرقام حتى إتمام عملية إعادة الجثمان".

أمل بزيارة قبره..

والدة الشهيد حافظ تمنت دائماً أن يدفن وأن يكون له قبر تقوم بزيارته في المناسبات والاعياد، كما تمنت أن تطوي أخر فصول الرواية المؤلمة التي عانت منها طوال الأعوام الماضية.

وكانت العائلة تعيش على أمل استرجاعه في مناسبات كثيرة، وتنامى ذلك عندما تم تبادل الجثث بين اسرائيل وحزب الله قبل عدة سنوات، حيث يقول ناصر أبو زنط :"للأسف لم يكن هناك حراك على المستويات الشعبية والرسمية الفلسطينية..ويبقى صاحب الجرح هو الذي يحمل همه، وهو مصدر لزيادة معاناة الأهالي لاهمال هذا الملف"، مشيرا أن والدته تتمتع بمعنويات صلبة وقوية وهي بانتظار يوم استلام الجثمان.

من ناحيته أكّد المحامي خطيب: "أنّه من الناحية القانونية، فأن الجهات الرسمية الإسرائيلية تعارض إرجاع أي جثمان لشهيد فلسطيني، متذرعة بقضية الجندي الإسرائيلي المحتجز في قطاع غزة جلعاد شليط، وذلك بناءاً على عدة قضايا مقدمة من قبل محامين آخرين منذ سنوات للمحكمة العليا، حيث لم يحصل تقدم نوعي بقضايا شبيهة"، مشيراً بأنه لم تكن هذه القضايا قبل قضية شاليط أكثر حظاً إذ تذرعت السلطات الاسرائيلية "بالتخوف من تحول الجنازات لصدامات مع قواتها"، و"تحول بيوت العزاء إلى مهرجانات سياسية تستغل من قبل فصائل سياسية لتجنيد أعضاء جدد".

وقال :"بالإضافة إلى ذلك ادعت السلطات الإسرائيلية أن الاحتفاظ بالجثمان يشكل عامل ردع للأشخاص الذين قد يفكرون أن يحذوا حذو الشهداء".

وتجرى حاليا الترتيبات للسماح لأهله بالدخول إلى مدينة القدس لإجراء الفحص في معهد أبو كبير في الرملة، حيث شكر ناصر وعائلته حملة استرداد الجثامين وكافة من ساهم في العمل لهذا الملف بشكل جدّي وقال :"التاريخ لا يظلم ولا يرحم، فمن يعمل من أجل الشهداء والاسرى له جزيل الشكر".

وشدد على ضرورة الاهتمام بهذين الملفين وقال ان مناقشتهما ووضعهما على سلم الاولويات اهم من التفاوض على الارض لان هؤلاء هم من عملوا لتحرير الارض.

منسق الحملة: تمتزج العواطف بعد تحقيق نجاح ثانٍ..

من جهته قال سالم الخلة منسق حملة استرداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين، أن العواطف تمتزج في هذه اللحظات بعد تحقيق نجاح ثاني ملموس في هذه الحملة التي لم يمض على اطلاقها أكثر من عامين، سيتم استعادة جثمان الشهيد أبو زنط الذي استشهد في ذكرى النكبة بتاريخ 18.05.1976، وتلته الهبة الجماهيرية التي كانت تعم بلادنا بعد سقوط أول شهيدة "لينا النابلسي"، حيث اطلقت مجموعة أبو زنط ومشهور العاروري وخالد أبو زياد على نفسها باسم الشهيدة.

وقال الخلة :"لقد دخل الشهيد أبو زنط الحدود تأكيدا على حق الفلسطينيين بالعودة الى وطنهم عملاً بقرارات الشرعية الدولية خاصة قرار 194 الذي يقضي بحق العودة اللاجئين".

وأكد ان كافة الترتيبات اللازمة تجرى لاستعادة الجثامين، مشيراً أن الموافقة على استرداد جثمان أبو زنط هو بشرى خير لكل ذوي الشهداء، وقال مؤكدا :"نحن ماضون وأكثر تصميماً في حملتنا حتى استعادة كافة الجثامين المحتجزة والكشف على مصير المفقودين حتى تم تشييعهم وفق للتقاليد الدينية وبما يليق بالكرامة الانسانية".

وأوضح الخلة ان مصدر النجاح الذي تم تحقيقه هو الاجماع الوطني الشامل والتضامن مع هذه الحملة، اضافة الى العمل على تعريب وتدويل الحملة من خلال النشاطات التي يقوم بها اعضائها واللجان في كل محافظات الوطن، مشيدا بالنشاط القانوني الذي تبذله الدائرة القانونية في مقر مركز القدس بالمدينة.

ودعا الخلة الجامعة العربية وكافة الداعمين الى المزيد من التضامن مع أهالي الضحايا لتكون هذه الحملة دولية ضاغطة على الاسرائيليين وبالتالي تسليم كافة الجثامين حسب القوانين الدولية.

كما وجه الخلّة كلمةً إلى أهالي محافظة نابلس معرباً عن أمله بأن تكون جنازة الشهيد أبو زنط جنازة تليق بهذا الشهيد الذي عبر الحدود العربية نحو الاراضي الفلسطيني متوجها بسلاحه نحو المستعمرات الاسرائيلية في الغور الفلسطيني ولسان حاله يقول "لا للاستيطان..ولا للمشاريع الاسرائيلية التي تفرض على شعبنا".

وأكد الخلة على ضرورة الوحدة بين ابناء الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه والوصول الى غاياته باطلاق سراح الاسرى وبتحقيق حلم الشهداء واللاجئين وهو اقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 بعاصمتها القدس الشريف.

الشهيد حافظ أبو زنط في سطور..

ولد الشهيد حافظ محمد أبو زنط في نابلس بتاريخ 24/12/1954 وقاتل في صفوف قوات الثورة الفلسطينية، حيث عبر الحدود ضمن مجموعة عسكرية من ثلاثة مقاومين لمهاجمة مستعمرة الحمراء المقامة في الغور.

وبعد نجاح المجموعة في عبور الحدود اصطدمت بالقوات الإسرائيلية قرب معسكر الجفتلك، ووقعت معركة عسكرية استمرت لساعات سقط فيها الثلاثة شهداء وذلك بتاريخ 18-5-1976.