الاحتلال يفتتح شبكة أنفاق تحت الحرم والبلدة القديمة في القدس

الاحتلال يفتتح شبكة أنفاق تحت الحرم والبلدة القديمة في القدس

قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أمس الأول الاثنين، إن سلطات الاحتلال ستفتتح خلال بضعة أسابيع شبكة الأنفاق تحت أسوار الحرم القدسي الشريف وتصل إلى داخل البلدة القديمة في القدس، لتكون "مزارا" لمئات آلاف السياح سنويا، في حين يؤكد خبراء بارزون في علم الآثار، على خطورة هذه الحفريات وتهديدها للمباني الفلسطينية في البلدة القديمة، وفرض واقع سياسي لصالح عصابات المستوطنين وبدعم مباشر من حكومة الاحتلال.
ويجري الحديث عن عدة أنفاق تم حفرها خلال السنوات الأربعين الماضية، على مراحل مختلفة، وتكثفت في السنوات الأخيرة، ومن بينها أنفاق بدئ العمل فيها في سنوات الستين من القرن التاسع عشر، وتوقف لاحقا، في زمن الاستعمار البريطاني، وحتى العام 1967، ويقضي مخطط المرحلة الأخيرة بربط الأنفاق ببعضها، بحيث سيكون من الممكن دخول النفق من حي سلوان المجاور للحرم القدسي الشريف، خارج أسوار البلدة القديمة، وصولا إلى حائط البراق، ومن هناك امتداد إلى وسط "حارة المسلمين"، حيث أقيمت عدة بؤر استيطانية وكنيس يهودي.
وتقول الصحيفة، إن سلطات الاحتلال تتوقع زيارة ما بين 450 ألفا وحتى 750 ألف سائح سنويا لشبكة الأنفاق، التي سيكون من الممكن لكل شخص أن يدخل من حي سلوان، الذي تسميه عصابات المستوطنين والاحتلال "مدينة داود" والسير لدقائق طويلة تحت الأرض، "دون أن يرى النور".
وجاء في التقرير، أن عدة شركات تعمل في هذه الحفريات، بإشراف دائرة الآثار التابعة لسلطات الاحتلال وعصابة "إلعاد" الاستيطانية الإرهابية، التي تنشط للسيطرة على البلدة القديمة وجوارها في القدس المحتلة.
وعلى الرغم من أن التقرير يزعم على لسان عصابات المستوطنين، أن الأنفاق لم تصل إلى تحت الحرم القدسي الشريف، إلا أنه في مكان آخر، يذكر التقرير أن حاخام الكنيس الجاثم عند حائط البراق، وما يسمى زورا، "الحائط الغربي للهيكل"، أمر في العام 1981 بحفر نفق من اسفل الحائط إلى عمق الحرم، وفي حين أمرت حكومة مناحيم بيغين بإغلاق النفق وتم استئناف حفره في فترة حكومة بنيامين نتنياهو الأولى في العام 1996.
كذلك يتضح من التقرير أن الحفريات قضت على طبقات أثرية من الفترة المملوكية، والفترة البيزنطية، وقبلهما الفترة الرومانية، ولم تذكر وجود ما يدل على هيكل سليمان المزعوم.
واقتبس التقرير جهات إسرائيلية ، تحذر من مشروع الأنفاق، وتؤكد أنه مشروع يهدف إلى تعزيز بؤر الاستيطان في "حارة المسلمين" في البلدة القديمة، ويربطها ببؤرة الاستيطان في حي سلوان، واستبعدت هذه الجهات وجود دوافع دينية يهودية خلف هذه الأنفاق.
وتقول هذه الجهات، إن هذه الأنفاق تشكل بعدا ثالثا للاستيطان في القدس المحتلة، البؤر الاستيطانية التي تتكاثر في البلدة القديمة وجوارها، و"البعد الديني"، المتمثل بحائط البراق وكنس أخرى في البلدة القديمة، والآن الأنفاق، واقتبس التقرير من احدهم، إنه لا يستبعد أن يستخدم المستوطنون الأنفاق مستقبلا لمواجهتهم احتمال إخلاء البلدة القديمة، في إطار الحل الدائم، و"أن يقاموا الإخلاء من هذه الأنفاق".
وينتقد الحفريات خبير الآثار الإسرائيلي البروفيسور يورام تسفرير، الذي وصفته الصحيفة بأنه من كبار علماء الآثار، ويقول، إن على باحث الآثار أن لا يعمل بناء على مشاعر، بل على أسس علمية، كما لا يمكن بإجراء حفريات من الأسفل، فحفريات أثرية من الأعلى إلى الأسفل، وهذا أمر مستحيل أن يكون.
ويؤكد تسفرير أن طريقة الحفريات خاطئة ولا يمكنها ان تتوصل إلى أي نتيجة علمية، ولهذا فإن الإدعاء بأن هذه الحفريات تهدف إلى إيجاد معلومات تاريخية، هي ادعاءات هامشية.
وتؤكد الصحيفة أن الحفريات شوهت وخربّت آثار تحت الأرض من أجل تبرير "الرواية اليهودية"، وأن "الحفريات أتت على طبقات أثرية إسلامية ومسيحية من أجل الوصول إلى الأيام اليهودية".
ويقول تقرير خبير آثار إسرائيلي، إن سلطة الآثار الإسرائيلية وعصابة إلعاد وغيرهما، تخرب تاريخ القدس واليهودية، فاليهودية تواجدت في المدينة لفترات قصيرة جدا، في حين أن الحفريات تتجاهل الحضارات الأخرى في المدينة.
ومن الجدير ذكره ان هذه الحفريات تسببت بتصدعات عشرات البيوت الفلسطينية، ومنها ما يهدد بانهيارها الكلي، كما أن هناك بيوتا تواجه تصدعات في مداخلها وفي سلم الدرج، ما يجعل صعودها اليه خطرا على حياة الناس، ويؤكد مهندسون أن هذه التصدعات سببتها حفريات الأنفاق.