أسئلة صعبة تطرحها الانتفاضة الشعبية العربية على إسرائيل

أسئلة صعبة تطرحها الانتفاضة الشعبية العربية على إسرائيل

الكاتب : د.حسن عبد الله

لا يهم إسرائيل مما جرى في مصر الدولة العربية الكبرى، سوى الحفاظ على معاهدة السلام معها، وأن تظل الحدود هادئة، حتى لا تضطر إلى تغيير جدي في إستراتيجيتها العسكرية. لكن هذا الهم الإسرائيلي هو انشداد للآني، المرحلي، بعيداً عن التفكير بأُفق أوسع، لأن التغيير الحاصل في مصر، ليس عابراً، حيث أن الثورة الشعبية أسست لسلسلة تحولات في السياسة والاقتصاد والقضاء والأمن والديمقراطية، واحترام إنسانية المواطن. بمعنى أن مصر دخلت مرحلة جديدة، أعادت لها ثقتها بنفسها على المستويات كافة، لاسيما وأنه جرى تهميش دورها في العقود الأربعة الأخيرة، لتصبح بلا وزن على المستوى الدولي، بعد أن كانت مصر عبد الناصر لاعباً رئيساً ليس في السياسة العربية والشرق أوسطية فحسب، وإنما في السياسة العالمية بشكل عام.
وإذا أبدت مصر الثورة التزامها بالمعاهدات والالتزامات الدولية السابقة، فإن هذا يرتبط بمرحلة انتقالية، بخاصة وإن تداعيات الثورة سوف لا تتوقف عند حد معيّن. وأن الثقافة الثورية ستؤسس لمواقف لاحقة أكثر جذرية، عندما تتأصل وتتعمق المفاهيم والتوجهات الجديدة، وتأخذ مساراتها التطبيقية.
صحيح أن مطالب الثورة الشعبية قد تركزت في الداخل المصري، إلا أن السياسة الخارجية هي انعكاس لطبيعة الأوضاع الداخلية ومستوى الفكر السياسي في البلد، إضافة إلى أنها تعبير عن مصالح اقتصادية تعكس نفسها في علاقات دولية مختلفة. وبما أن مصر لا يمكن فك ارتباطها بعالمها العربي، لأسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية ودينية وثقافية ونفسية، وجغرافية وتاريخية، فإن إعادة ترتيب الأوراق المصرية على الساحة العربية ستأخذ أولوية، خصوصاً وان الدور المحوري لمصر قد غاب في مرحلتي السادات ومبارك، ليتنافس على الاضطلاع بهذا الدور دول أخرى لها مصالحها في العالم العربي مثل إيران وتركيا. لذلك فإن القضية الفلسطينية ستعود لتتبوأ مكانة مركزية في سلم الاهتمامات المصرية، كما كانت في فترة جمال عبد الناصر. وإذا استمرت هذه القضية معلقة بلا حل يضمن للشعب الفلسطيني حقوقه، فإن السنوات الخمس المقبلة ستشهد تغييراً تراكمياً في العلاقات المصرية الإسرائيلية، وصولاً لحالة نوعية جديدة ستجبر إسرائيل على تغيير خططها وإجراءاتها وحساباتها العسكرية بشكل عام.
وإذا لم ينتبه الساسة والإستراتيجيون الإسرائيليون للتغيير المتصاعد في المنطقة العربية، الذي سيجتاح بالتأكيد دولاً أخرى، ويتقبلوا عملياً وليس نظرياً طرح الحل على أساس دولتين، سيجدون أنفسهم أمام معطيات معقدة على المستوى العربي. كما أن الدول الغربية التي تؤيد الآن الثورات العربية، وتبدي تعاطفها مع مطالب الجماهير وتتدخل بالطائرات والجنود كما هو حاصل في ليبيا، لا يمكن لها أن تتجاهل القضية الفلسطينية، والظلم التاريخي الذي يعاني منه الفلسطينيون. وقد بدأنا نلمس مؤشرات التغيير في المواقف الأوروبية، حيث أن دولاً مهمة في الاتحاد الأوروبي لم تستبعد الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، حتى بمعزل عن استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وإذا حدث تطور أوروبي على هذا الصعيد، في التعامل مع القضية الفلسطينية، فإن الولايات المتحدة الأمريكية لا بد وان تمارس ضغوطاً معينة على إسرائيل، بغية العودة إلى المفاوضات والعمل على تحريك الأمور، لكي لا تظل الإدارة الأمريكية تعاني من ازدواجية في المواقف، تأكل من هيبتها ومكانتها. فهي تؤيد أي حراك شعبي مطلبي في العالم، وحينما يتصل الأمر بالفلسطينيين وتطلعهم للحرية والاستقلال، فإنها تتجمد ولا تحرك ساكناً.
إن إسرائيل إذا استمرت في الاستخفاف بالمتغيرات التي تعصف بالساحة العربية، وتتجاهل انعكاساتها وتفاعلاتها عالمياً، وأصرت على إدارة الظهر للقضية الفلسطينية، فإنها ستضطر إلى الوقوف وحدها أمام عجلة حراك سياسي فلسطيني مدعوم عربياً وإسلامياً، ويحظى بتعاطف أوروبي، حينها فإن المصالح والمكانة الأمريكية ستوضع على المحك.

» حيرة إسرائيل أمام الثورات الشعبية العربية
» الجبهة الشعبية تهدد برد قاس على إسرائيل إذا تدهورت حالة سعدات
» الدوايمة \ الثورة الشعبية تشتعل بالدولة العبرية (.مظاهرات في إسرائيل )
» الجامعة العربية تنتقد مناورات إسرائيل «اللفظية»
» الرئيس اليمني يتهم إسرائيل والولايات المتحدة بإدارة الانتفاضات العربية