القدس.. امتحان البقاء وهوية الوجود (( محمد خروب ))

مشرف سابق

القدس.. امتحان البقاء وهوية الوجود

بقلم :- محمد خروب

لم اجد وانا منخرط في ''المسألة'' المقدسية، بعد ان بات خطر ابتلاعها بالتهويد والاستيطان والتهجير وهدم البيوت والاستيلاء عليها ناهيك عن العمل الميداني الصهيوني لتغيير معالم زهرة المدائن وعروس عروبتنا عبر زرعها بالكنس والحدائق العامة على انقاض الآثار العربية والاسلامية ومعالمها الحضارية، وتدنيسا لقبورها، سوى عنوان الكتاب المهم الذي حمل العنوان اعلاه وهو الكتاب الذي اهداني اياه الصديق الدكتور حسن جمعة حماد بعد ان قام على جمع وتحقيق ما كتبه والده الاستاذ جمعة حماد جهامه قبل ايام معدودات عكفت عليه قراءة وتدقيقا واستغراقا في الاهداف النبيلة التي ذهب اليها استاذنا جمعة حماد المعروف باقتصاده المقصود في اللغة والمتمكن من مفرداته وعباراته وكأنه يصهرها ليعيد تشكيلها على نحو لا يسمح بغموض المعنى ولا يذهب في الآن ذاته الى التسطيح وشحن الغرائز والعواطف.

وهنا تكمن اهمية الكتاب الذي قدم له رئيس الوزراء الاسبق الاستاذ احمد اللوزي والذي لخص الكتاب في عبارات موجزة وبليغة على نحو يثير الغضب في ما آلت اليه احوال القدس ''.. كي لا تظل وهي التي تسكن منا الافئدة، بعيدة كل هذا البعد عنا، ننظر اليها وهي تتفطر اسى لضياعنا وتشتتنا، ولما يجري في اكنافها من صراع الاخوة الذي خدم الاعداء ويمكن لهم تمكينا، ونتحرق لاستعادتها كاظمين، ولأن نعمر مساجدها وكنائسها أعزة ظافرين'' كتب دولة الاستاذ احمد اللوزي في مقدمة الكتاب.

نحن إذا امام كتاب ليس من المبالغة في شيء القول ان كاتبه كان يستشرف المستقبل ويقرع ناقوس الخطر ويدق على جدران اللامبالاة والبلادة والصمت الذي يكاد ان يكون في مرتبة التواطؤ، داعيا الى انقاذ القدس قبل فوات الاوان والى اتخاذ ما يلزم من اجراءات عملية وميدانية تقطع الطريق على اسرائيل لاستكمال ما كانت بدأته من مخططات وسيناريوهات مكتوبة ووفق اجندات زمنية تلحظ كل المتغيرات والمستجدات على الصعيدين الاقليمي والدولي وعدم الركون الى ''حائط المبكى'' خاصتنا الذي اخترعناه وهو الامم المتحدة التي يرصدها الاستاذ جمعة حماد على النحو التالي ''... لقد حظيت القدس باكثر القرارات واهمها من الامم المتحدة، ونعرف اليوم، لماذا كنا نهرع للامم المتحدة كلما زحمتنا اسرائيل، كي نسعى الى قراراتها، فلقد كانت تلك القرارات هي الثدي الكاذب الذي تهدأ عليه جماهيرنا وتغفو، كان زعماؤنا وقادتنا يستدفئون بهذه القرارات، كانوا يسجلون انتصارات لم يصلوا اليه على الارض، لم يكن ذلك جهلا وقلة ادراك لقيمة تلك القرارات، وانما كانوا مضطرين اليها، بسبب العجز الذي تعاني منه هذه الدول الممزقة والمتفرقة، وكان يمكن لهؤلاء ان يسلموا من اللوم، لو انهم صارحوا شعوبهم بهذا العجز، لكي لا تتحول تلك الشعوب الى حالة الادمان على صباحات الفجر الكاذب والآمال السرابية التي هي مجرد اصفار تنتظر (ممسحة) التاريخ''.

تشخيص دقيق ووضع امين للأصبع على الجرح النازف الذي اصيبت به امتنا في عصرها البائس الذي نعيش، رغم ان هذا التشخيص صيغ بلغة دبلوماسية لم يشأ الكاتب من خلالها اللجوء الى لغة الاتهام والتحريض ضد اصحاب القرار الذين اوعزوا باللجوء الى ''مبكى'' العرب في نيويورك لكنه في الآن ذاته لم يعفهم من مسؤولياتهم وضرورة انتهاجهم سياسة مصارحة شعوبهم بعجزهم بدل الاستمرار في دفع هذه الشعوب نحو الادمان على صباحات ''الفجر الكاذب''.

ما كتبه المؤلف في الباب الثاني تحت عنوان ''على رؤوس الاشهاد''، يزيد من مرارة القارئ بل الى ما هو ابعد من المرارة حد الاقتراب من مربع اليأس الذي يجب ان لا ينال منا تحت أي ظرف، اقصد انني لو قمت ''بسرقة'' هذا المقال ونسبته الى نفسي فان احدا لن يتهمني بأنني اتحدث عن شيء ''قديم'' بل ان ما انطوى عليه المقال من كلمات يكاد ان يكون مصاحبا لما يجري ''الآن'' في القدس وعلى تخومها وما قبل وما بعد جولات المبعوث الرئاسي الاميركي للشرق الاوسط صاحب الابتسامة الشمعية جورج ميتشيل التي لم تسفر جولاته ? ولا يتوقع لها ان تسفر عن شيء يذكر وبخاصة في شأن القدس التي هي خارج اطار ''تجميد'' الاستيطان الذي هو ''صلب'' جهود المستر ميتشيل ''لم يعد الكلام عن تهويد القدس خطة بل اصبح واقعا، ذلك ما يؤكده صاحبي القادم من جوار الاقصى، وهو يصف عملية التهويد التي بدأت فورا مع احتلال المدينة في حزيران 67، بهدم المساكن العربية القريبة من حائط البراق وامتدت بعد ضم المدينة رسميا الى ''الدولة''، الى المشارف البعيدة من حولها حتى المستعمرة الصناعية في الخان الاحمر.

ويقول صاحبي ''يكمل الاستاذ حماد'' اننا نحس ? اذا استمرت الاوضاع على حالها - ان ايامنا في مدينتنا المقدسة اصبحت معدودة، واننا سننزع من بيوتنا نزعا، وان الطوفان اليهودي سيغرقنا في النهاية، لتكون القدس خالصة لبني اسرائيل''.

ارجو ان لا يصاب احد بالدهشة، اذا ما اخبرته ان المقال نشر في ''الرأي'' بتاريخ 9 شباط 1977.

فهل كان جمعة حماد يتنبأ ام انه يقرأ في كتاب التاريخ وحال الامم التي تتقاعس عن الجهاد في سبيل حقوقها وكراماتها؟..

الكتاب جدير بالقراءة والاقتناء وهو يقع في نحو من مائتين واربعين صفحة من القطع الكبير، وصادر عن دار الفتح للدراسات والنشر في عمان.

الجوهرة

مشكورة لنقلك الموضوع
تحياتي
امل فلسطين

مشرف سابق

صديقتي امل فلسطين تحياتي

مشكورة لمرورك العطر

فقد انرتي مصفحتي

لك مني كل الحب

الجوهرة

» هذا زمن... «العكاريت»!! (( محمد خروب ))
» شيوعيون!! (( محمد خروب ))
» قفزة فـي المجهول!! (( محمد خروب ))
» الانتخابات، بما هي حديث و..«حدث»!! (( محمد خروب ))
» المثال... «الأرمني» (1-2) (( محمد خروب ))