الانتخابات، بما هي حديث و..«حدث»!! (( محمد خروب ))

مشرف سابق

الانتخابات، بما هي حديث و..«حدث»!!

بقلم :- محمد خروب

في بلاد العرب الانتخابات ''حديث'' مؤامرة بل وفرصة للتزوير وارتهان اراء ''الجماهير'' لدوائر وسياسات خفية تدير العملية في غرف سرية، ولا بأس لو اوعزت لبعض ادواتها بالترشح بهدف اضفاء نكهة المنافسة على نتائج معروفة سلفا، وهناك من ''برع'' في تحميل قبائح العملية الانتخابية على نحو لا يتردد في وضع ''قـضاة'' على صناديق الاقتراع، لكنهم - القضاة - محظور عليهم الوقوف على عمليات الفرز ولا امضاء المحاضر وغير ذلك من المحددات والاطر، التي لا تسمح لأحد ايا كان - غير الهيئة المشرفة على الانتخابات - باعلان النتائج وتحمل مسؤولياتها حتى لحظة انتهاء فترة الطعون واصدار الاحكام فيها.. إن كان ثمة طعون..

في بلاد العرب، الانتخابات التي باتت اخيرا شرا لا بد منه، لا تؤسس لمرحلة جديدة في الحياة السياسية أو العمل البرلماني أو الحكم المحلي (البلديات)، بل هي مجرد تنويع في الاسماء على ''نص'' واضح، وهناك من وجد أن الوقت قد حان لوضع قواعد جديدة للعبة الانتخابات القديمة والمملة، فقام باختراع الاحزاب وأوجد مصطلح الحزب الحاكم ولم تنحصر رداءة الاخراج في ابقاء الحزب ''الحاكم'' على رأس السلطة ما دام رئيس الحزب هو الحاكم، بل تعدتها الى ظاهرة لم تعرفها المجتمعات الديمقراطية الحقيقية وهي ''استحالة'' وجود حكومات ائتلافية بين (الحزب الحاكم الذي هو حزب الاغلبية دائما) وبين الاحزاب الديكورية الاخرى، وهو سلوك سلطوي ادى في النتيجة الى تكلس الحياة السياسية..

لا تشكل الانتخابات في بلاد العرب فرصة لتجديد الدماء واستخلاص الدروس والعبر من اخفاقات المرحلة السابقة وبالتالي ترك ''القرار'' بيد الجمهور، كي يقول كلمته والى أي حزب أو قوائم متحالفة سيمنح ثقته، بل تتواصل المهزلة، تزويرا واستقواء وعسفا ومصادرة للحريات ويسقط مفهوم التداول السلمي تحت سنابك القمع والرؤى الضيقة والتي تنفجر في النهاية حروبا اهلية وتمردات ومواجهة مسلحة وعنفا اعمى..

في البلاد الديمقراطية، تشكل الانتخابات فرصة لاعادة ترتيب المشهد السياسي والحزبي ومناسبة للمحاسبة ولهذا نرى ونسمع.. ونصاب بالدهشة عندما يطاح بحزب كبير حكم البلاد اكثر من دورة انتخابية، ثم ما لبث الناخبون (هم وحدهم) ان سحبوا ثقتهم به وعاقبوه على فشله في مشروع قانون ما، أو برنامج اقتصادي متعثر او مغامرة عسكرية فاشلة، أو خدمات اقل أو انحياز لصالح الاغنياء وعلى حساب الفقراء والطبقة الوسطى، حدث هذا في اميركا عندما جاء صاحب شعار ''التغيير.. نعم نستطيع''، وهو حادث للتو في المانيا عندما فقد الاشتراكيون الديمقراطيون المرتبة الثانية لصالح الديمقراطيين الليبراليين الاقرب الى انجيلا ميركل زعيمة الديمقراطيين المسيحيين، التي باتت في المرتبة الاولى وإن بنسبة اقل من الدورة السابقة.. وهذا ايضا ما حصل مع الحزب الاشتراكي اليوناني بزعامة جورج باباندريو (الابن) الذي اقصى، اليمين عندما طرح برنامجا رأى فيه اليونانيون أنه افضل مما طرحته حكومة حزب الديمقراطية الجديدة، المحافظ..

في اسبانيا يستعد الاسبان لانتخابات جديدة وسط استطلاعات رأي تقول ان الحزب الاشتراكي بزعامة ثاباتيرو سيخسر الحكم لصالح اليمين، لكن رئيس الوزراء الاسباني يقول في ثقة ردا على منتقديه ''... اذا كان أي شخص يريد أن يحكم هذه البلاد، فعليه أن يخوض الانتخابات الوطنية''..

الفيصل في اختلاف الرؤى والقراءات والبرامج هو رأي الجمهور الذي يجد طريقه الى صناديق الاقتراع..

أما في بلاد العرب فلا قيمة لرأي الجمهور بل على الجمهور أن يصمت لأن ''الاسياد'' هم الذين يعرفون مصلحته..

عظـم الله اجركم..

» هذا زمن... «العكاريت»!! (( محمد خروب ))
» شيوعيون!! (( محمد خروب ))
» المثال... «الأرمني» (1-2) (( محمد خروب ))
» قفزة فـي المجهول!! (( محمد خروب ))
» مصالحة وشيكة؟.. من يضحك على من؟ (( محمد خروب ))