قفزة فـي المجهول!! (( محمد خروب ))

مشرف سابق

قفزة فـي المجهول!!

بقلم :- محمد خروب

ما الذي رمى اليه الرئيس الفلسطيني محمود عباس عندما اصدر قراره باجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في الرابع والعشرين من كانون الثاني 2010؟، سؤال طـرح مباشرة بعد وروده على شاشات الفضائيات التي وضعته كخبر عاجل، الى ان تحول الى خبر عادي لكن تداعياته وارتداداته آخذة في التشكل والبروز..

المسألة أبعد من التزام نص دستوري (...) يتحدث عن تسعين يوما قبل موعد الانتخابات، ولن نناقش في حكاية الدستورية والقانون الاساس ومصطلحات من قبيل سيادة القانون والقرار السيادي، التي لا تنجح كلها في الوصول الى أدنى درجات القبول (حتى لا نقول الاقتناع) لأن كل الذرائع لا تستطيع إخفاء حقيقة وجود الاحتلال الساطعة بكل ما يمثله من دور في افراغ كل هذه الكلمات المضخمة والوهمية في واقع الحال، من مضامينها الميدانية على الاقل..

واذ لا يستطيع المرء أن ينكر حقيقة خضوع قرار خطير كهذا، لبحث ومناقشات مطولة في صفوف السلطة وشركائها ووجود تيار قوي دفع في هذا الاتجاه، ورموزه على أي حال، لم يخفوا توجهاتهم ورغبتهم في الصعود الى الشجر العالي وعدم الاصغاء الى التحذيرات والانعكاسات الكارثية على المشروع الوطني الفلسطيني في حال عدم حدوث مصالحة وبالتالي توافق على ملف كهذا (الانتخابات)، فإن القراءة الاولية لمثل هذه الخطوة تشي بان ثمة تيارا في السلطة (فتح ومنظمة التحرير) لم يعد معنيا بملف المصالحة ولم تعد لديه رغبة في دفع استحقاق مصالحة كهذه، بعد ان قطع شوطا بعيدا في الاندماج بمعادلات اقليمية ودولية لا يستطيع (حتى لو رغب) في الفكاك منها او المغامرة بالرهان على خيارات اخرى.

ليس في القول هذا اقتراب من خطاب حماس او الاصطفاف الى جانبها، فهي تتحمل جزءا من المسؤولية في وصول الحال الفلسطينية الى هذه الدرجة من التدهور والاحتمالات الماثلة لتصفية المشروع الوطني الفلسطيني والافتراق الجغرافي والسياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة بكل ما يحمله ذلك الخيار (السيناريو) الذي كتب وتحدث عنه كثيرون في الجانبين الاميركي والاسرائيلي، في اشارة صريحة الى ان فلسطين التاريخية محكومة بوجود ثلاث دول او دولة سيدة وإماراتان لا يهم الاسم الذي تحمله كل منهما وليس مهما ايضا إن استمرت حماس في حكم غزة لفترة ما، الى ان يلفظها الناخب الفلسطيني، لكن الطريق ستكون قد اغلقت تماما على أي تواصل جغرافي، هو الان ولو في شكل لفظي، احد اركان أي تسوية عتيدة، لكن حكام الامارتين (...) سيكونون قد اعفوا اسرائيل من هذا الهم الذي اخترعوا له عشرات الحلول والسيناريوهات مثل نفق تحت الارض او سكة حديدية (دع عنك حكاية السيادة على هذا الرابط الجغرافي وايضا ان كان مقابل ارض المستوطنات الكبرى التي ستلحق باسرائيل أم لا..)..

يدرك الرئيس الفلسطيني ان انتخابات في غزة لن تجري في الموعد الذي حدده، ما دامت حماس تمسك بخيوط اللعبة، وهو يدرك ايضا أن المجلس التشريعي العتيد سيكون خاليا من ممثلي المحافظات الجنوبية، فهل هذا هو الهدف من اجراء الانتخابات؟، أم أن التسعين يوما التي ستسبق ذلك اليوم الكبير ستكون فرصة للمساومات والمقايضات والمزايدات وضخ المزيد من مفردات التشكيك والتخوين واحتكار الوطنية والحقيقة على الطريقة الفلسطينية المعروفة، فيما يتواصل الاستيطان والتهويد، واستمرار لعبة العبث الاميركية المسماة جولات جورج ميتشل، الذي قال في وضوح يوم اول من امس: ان التوصل لاتفاق فلسطيني اسرائيلي سيحتاج الى سنوات طويلة؟..

احسب انها قفزة في المجهول والخاسر الاكبر هو الشعب الفلسطيني وقضيته الموضوعة في عواصم القرار الدولي والاقليمي.. برسم التصفية..

» هذا زمن... «العكاريت»!! (( محمد خروب ))
» شيوعيون!! (( محمد خروب ))
» المثال... «الأرمني» (1-2) (( محمد خروب ))
» الانتخابات، بما هي حديث و..«حدث»!! (( محمد خروب ))
» مصالحة وشيكة؟.. من يضحك على من؟ (( محمد خروب ))