اراء متعددة بالصحف المصرية ..ما الفرق بين جداري الفصل العنصري الاسرائيلي والمصري؟

'الأهرام' بناء الجدار مع غزة حق سيادي مصري

وإلى المعركة التي بدأت تظهر بسبب ما نشر عن إنشاء مصر جدار صلب بين مصر وقطاع غزة، واستمرار البلبلة حوله مما دعا زميلنا وصديقنا ومدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ'الأهرام' الدكتور جمال عبدالجواد لأن يقول يوم السبت في 'الأهرام المسائي': 'أياً كان ما تفعله أو لا تفعله السلطات المصرية على الحدود فهو من حقها كسلطة مسؤولة عن أمن الحدود والبلاد متمتعة بحقوق السيادة على أرضها، البلبلة الراهنة هي أكثر ما يسيء للسلطات المصرية ويضعها في صورة من ينفذ اجراءات لا يمكن الدفاع عنها سياسيا أو أخلاقيا وسياسيا قويا لأي إجراءات لا يمكن الدفاع عنها سياسيا أو أخلاقيا، أقول للمسؤولين أن الأمن الوطني المصري يقدم أساسا أخلاقيا وسياسيا قويا لأي إجراءات يتم اتخاذها لتعزيز الأمن على الحدود، وأن الأغالبية الساحقة من الشعب ستؤيد هذه الإجراءات وهذا هو ما يهم أي حكومة مسؤول أمام شعبها فقط'.

'الدستور':ما الفرق بين جداري الفصل العنصري الاسرائيلي والمصري؟

لكن جمال فشل في إقناع جمال آخر بكلامه، وهو زميلنا وصديقنا بـ'العربي' وعضو مجلس نقابة الصحافيين جمال فهمي، لذلك قال عن الجدار في نفس اليوم بـ'الدستور': 'قبل ما يزيد على خمس سنوات أدانت محكمة العدل الدولية في 'لاهاي' إقدام الكيان الصهيوني على بناء جدار فصل عنصري فوق أرض فلسطين المسروقة بهدف خنق وحصار أصحاب الأرض الأصليين في الأجزاء المتبقية 'والممزقة بالمستوطنات' من أراضي الضفة الغربية وعزلهم عن باقي الوطن السيب، واعتبرت المحكمة الأممية هذا الجدار غير شرعي، ولامشروع ويرقى لمستوى 'جريمة حرب' متكاملة الأركان، وهذه الأيام تترى وتتسرب الأنباء عن جدار مماثل لكنه مغروس تحت الأرض تبنيه - ولا فخر - الحكومة المصرية بمساعدة أمريكية - إسرائيلية على حدودونا مع قطاع غزة من أجل تحقيق الأهداف الإجرامية نفسها، أي العزل والحصار مضافاً إليها - ولا فخر أيضا - تجويع أهلنا في القطاع وسد كل ثغرة وأي منفذ تمر منه الرحمة إليهم!! إذن حكومتنا ونظامنا - قبح الله وجهيهما - ينفقان مئات ملايين الدولارات من أموال الشعب المصري لكي يجوعوا شعبا شقيقا'.

وزير الخارجية: الارض المصرية يجب ان تكون مصانة

ومثلما لم يعجب كلام عبدالجواد، جمال فهمي، فإن ما قاله فهمي لم يعجب أحمد أبو الغيط وزير الخارجية الذي قال في حديث نشرته له مجلة 'الأهرام العربي' في عددها الصادر بنفس اليوم - السبت - وأجرته معه زميلتنا سوزي الجنيدي: 'مسألة انها جدار أو معدات للجس، أو وسائل تنصت، كلها أمور تتردد، ولكن المهم أن الأرض المصرية يجب أن تكون مصانة، ويجب ألا يسمح أي مصري بأن تنتهك أرضه بهذا الشكل أو ذاك، والقضية الفلسطينية في قلب كل مصري، وقد دفع المصريون الثمن الغالي من أجل تلك القضية ولكن أرض مصر وأمنها أكبر من أي شيء ونحن على استعداد للتضحية بالكثير من أجل القضية الفلسطينية لاستعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية، ولكن المأساة الكبرى ان الكثير من القيادات الفلسطينية لا يرون هذه الرؤية، ويرون أن الإيديولوجية والسيطرة على الحكم أكثر قيمة لهم من لم الشمل الفلسطيني، وهؤلاء عليهم ان يفكروا كثيرا في عواقب ما يفعلون، أما من يقول ان مصر تفرض سيطرتها على حدودها، فنؤكد له أن هذا حق كامل لمصر'. وهكذا ألم يقل شيئاً، ان كان هناك بناء الجدار أم لا، أو وضع أجهزة تنصت أم القيام بعمليات حفر وجس لأساسات، أفادكم الله.

'الاهرام' تتهم حماس بادارة انفاق التهريب مع مصر

ولكن اتضح أن الوزير تعمد الغموض، وترك لغيره التوضيح وقول ما لا يريد أن يقوله هو، فكان المانشيت الرئيسي في الصفحة الأولى من 'الأهرام المسائي' هو - فضيحة مخزية، حماس تقيم وحدة خاصة لإدارة أنفاق التهريب على الحدود مع مصر - وقالت الجريدة: 'كشفت مصادر في قطاع غزة عن قيام حركة حماس بإقامة وحدة خاصة لإدارة أنفاق التهريب على الحدود مع مصر، وقالت هذه المصادر لـ'لأهرام المسائي'، أن هذه الوحدة، تختص بإصدار تراخيص إنشاء الانفاق مقابل عشرة آلاف شيكل إسرائيلي للنفق، أي ما يوازي خمسة عشر ألف جنيه مصري وذلك لمدة ستة أشهر، على أن يتم تزويد النفق بالكهرباء من بلدية رفح الفلسطينية، كما تختص هذه الوحدة بفرض ضرائب وجمارك على السلع المهربة تقوم حركة حماس بتحصيلها، ومن يتهرب من دفع هذه الضرائب والجمارك تتم محاسبته من جانب سلطات حماس.
وذكرت المصادر ذاتها أن هناك نوعين من الأنفاق، واحد خاص بالجناح العسكري لحركة حماس، وتستخدمه في عملياتها السرية، بينما الثاني مخصصة لتهريب السلع بمختلف أنواعها، كما تقوم بعض قيادات حماس السياسية بإدارة أنفاق لحسابها الخاص، وفي مقدمتهم الناطق باسم حماس، أيمن طه الذي صار يمتلك فيلا فاخرة في قطاع غزة يزيد سعرها على المليون دولار، وهناك قيادات أخرى من حماس تقوم بتأجير الأنفاق، أما بالنقلة أو باليوم وأن هناك جانبا من الأنفاق مخصصا لتهريب السيارات التي تتم سرقتها أو جلبها من مصر، وقد اقتصر تهريب السيارات في البداية على الأنواع الصغيرة، من ماركتي دايو وهيونداي حتى يتم شطرها أولا من المنتصف ثم يعاد لحامها وتجميعها في غزة بعد تهريبها، وقد تطور الوضع خلال الأيام القليلة الماضية الى درجة تهريب السيارات الكبيرة وبسبب ذلك صار ملحوظا في شوارع قطاع غزة وجود سيارات موديل 2009'.

'روزاليوسف': الانفاق تديرها عصابات غير مسؤولة للمهربين

والثاني الذي دخل المعركة أمس، كان زميلنا عبدالله كمال رئيس تحرير جريدة 'روزاليوسف' وعضو مجلس الشورى المعين، بقوله: 'قتل جندي مصري مساء يوم الخميس برصاص غادر أطلقته مجموعة من المهربين الذين ينتمون الى بني جلدتنا العرب في غزة، وقد صمت الجميعت في مصر، لا حزب أصدر بيانا، ولا جماعة أدانت الفعل البشع ولا كاتب استنكر الواقعة، ولا أصوات دعت لجمع التبرعات من أجل أسرة الجندي الشهيد، وهذا النائب الإخواني الذي تمطأ وذهب الى البرلمان بسؤال حول ما يتردد بشأن إجراءات إنشائية تقوم بها مصر لحماية حدودها ضاربا عرض الحائط بكل أسس الأمن القومي تجاهل في سؤاله أي حديث عن الجندي الذي قتله فلسطينيون.
كما إننا لا نقول أي حديث عن انه ليس من حقنا أن نتخذ ما ينبغي من الإجراءات الواجبة لحماية حدودنا من كل أنواع التعدي سواء كان تعديا بالقتل المتعمد لجنودنا أو بالتهريب من تحت الأرض أو فوقها، ولنا كل الحق في أن نحفظ سيادتنا من أي انتهاك، ولم تلجأ مصر أبدا إلى الإجراءات العسكرية، وهؤلاء الذين يدافعون عن التهريب بحجة أنه يمكن أن يخفف متاعب الحصار عن إخوتنا في غزة يتجاهلون مجموعة من الحقائق:
1- شبكات الأنفاق تحت الأرض من جانبي رفح المصري والفلسطيني تتبع مجموعة من العصابات والتنظيمات وهي تخضع لأعمال فساد منظمة تستغل الفلسطيني في أن تبيع له السلعة بأسعار باهظة، وتستغل المصري في أن تقتطع من الدعم الذي تقدمه حكومته لمواطنيها.
2- لم تنقذ الانفاق اخوتنا في فلسطين من متاعب الحصار، بل أن المناضلين من أجل رفع الحصار يتراجعون أمام تربح أصحاب الأنفاق.
3- المشكلة في الأنفاق لا تقتصر على السلع، كما أنها لا تقتصر على الأمور التي تتجه من مصر إلى غزة وإنما المشكلة - وهذا هو الأخطر - تمتد إلى السلاح، وإلى ما هو آت من غزة إلى مصر'.

عيسى يقارن بين مبارك وشمعون بيريز

ولكن، كان هناك من يقف منتظرا إلى أن ينتهيا من كلامهما - أي محرر 'المسائي' وعبدالله - وهو زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى رئيس تحرير 'الدستور'، ليقول ردا عليهما وعلى أبو الغيط: 'طبعاً لا نملك واحدا على مائة من ديمقراطية إسرائيل والدليل، الجدار الحاجز الذي بنته إسرائيل على حدودها مع غزة، وجدار العار الجديد الذي تبنيه مصر على حدودها مع غزة، إسرائيل عدو وتغتصب أرضنا العربية وتحتل وطننا، لكنها تتمتع بديمقراطية حقيقية بين شعبها، فلا يملك رئيس إسرائيلي، أو رئيس وزراء هناك ان يزور صوتا انتخابيا، ولا أن يجلس على مقعد الحكم للأبد ولا أن يعين ابنه على رأس حزبه، ولا يستطيع أن يفلت من الحساب أو الرقابة والمساءلة، وكل مسؤوليها متساوون أمام القانون من أكبر كبير في تل أبيب حتى أصغر مسؤوليها.
نعم استطيع أن اقول مؤكدا ومطمئنا، تماما لكل حرف أكتبه أن شيمون بيريز الصهيوني القاتل ومجرم الحرب رجل ديمقراطي، بينما الرئيس مبارك بطل الحرب رجل ديكتاتورية واستبداد، وبنيامين نتنياهو مجرم ضد الإنسانية ورئيس وزراء لديمقراطية، حكومة إسرائيل شرعية تماما أمام شعبها بينما حكومة مصر بلا شرعية، يتجلى هذا أكثر وأثقل وأحزن في واقعة بناء الحكم المصري جدارا عازلا على حدودنا مع غزة وهو نفس ما فعله نظام الحكم في إسرائيل حين بنى جدارا على حدوده مع غزة والضفة، لكن الفارق يكشف حجم العوار والعار، طبعا أن يبني أصلا، المصريون حاجزا عند غزة، فهذه تبعية للسياسة الأمريكية وخدمة واضحة للموقف الإسرائيلي، فكأن مصر تلتزم توجهات، لا أقول توجيهات، الأمريكان، وتسمع نصائحهم لا أقول تعليماتهم، وتفتح أرضها لحاجز تبنيه لأمن إسرائيل ورعتايتها وحمايتها ودعمها، وكأنه كذلك اعتراف مذهل بعجز مصر عن حماية أراض بها أو تأمين حدودها أو تحصين أمنها أو مواجهة عدوها أو إجهاض توريط منافسيها لها، مرة أخرى الجدار كاشف للفرق بين ديمقراطية الحكام المحتلين وديكتاتورية الحكام المحليين حيث ان إسرائيل عندما قررت بناء الجدار أدارت حوارا بين أحزابها ومجتمعها وصحافتها وباتت القضية مطروحة على الكافة بمنتهى الشفافية والعلانية بين رافضين ومؤيدين، بين لاعنين ومباركين وسط جدل سياسي وأمني محموم حول الأسباب والأهداف والجدوى والمستقبل.
وفي مصر تكتم وكتمان ومداراة وإخفاء، والراجل اللي يتكلم، والكل ينتظر أن يتعطف واحد من المسؤولين فيقول كلاما فارغا عن الأمن القومي حيث يخرس وينكتم الجميع، وكأننا مجموعة من قطعان الرعايا ولسنا مواطنين في وطن، وإسرائيل عندما واصلت البناء فهي لا تملك أن تمنع مئات المظاهرات من عرب ويهود ضد بنائه يوميا، ولا تقدر على قمع أي صوت إسرائيلي يندد به ويعارضه ويطالب بهدمه، وفي مصر كل من يرفض ويعارض ويطالب بهدم هذا السور سيتم اتهامه بأنه حمساوي إيراني عميل مأجور، وستصبح الوطنية هي سب الملة لمعارضي جدار غزة'.