موقع منتدى الدوايمة الاكتروني al-Dawayima تأسس 27 سبتمبر 2008
موقع منتدى الدوايمة الاكتروني al-Dawayima تأسس 27 سبتمبر 2008
موقع منتدى الدوايمة الاكتروني al-Dawayima تأسس 27 سبتمبر 2008
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع منتدى الدوايمة الاكتروني al-Dawayima تأسس 27 سبتمبر 2008

أخبار .. بحث.. سياسة .. آدب .. ثقافة عامة .. حرية رأي .
 
الرئيسيةبوابة فلسطينالتسجيلأحدث الصوردخول
من حروف أسم الدوايمة يتكون وطني الدوايمة(د .. دم)(و..وطني)( أ .. أوثقه)(ي.. يأبى)(م .. مسح )(هـ .. هويته) (دم وطني أوثقه يأبى مسح هويته)...نضال هدب


أن نسي العالم مجزرة الدوايمة أو تناسىى فان طور الزاغ الكنعاني سيظل شاهداً أميناً على المجزرةالمتواجدون الآن ؟
المواضيع الأخيرة
» رحلة الإنسان من بداية خلقه وتكوينه وحتى دخوله الجنة أو النار .
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالأحد يوليو 30, 2023 3:30 pm من طرف الشيخ جميل لافي

» عيد ُ الحُــــب / فالنتــاين !! .
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالثلاثاء فبراير 14, 2023 1:42 am من طرف الشيخ جميل لافي

» كيف تخشـــع في صلاتك ؟
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالإثنين يناير 16, 2023 3:37 am من طرف الشيخ جميل لافي

» ما هي كفارة تأخير قضاء رمضان بدون عذر ، وما مقدارها ونوعها ؟؟
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالسبت نوفمبر 26, 2022 9:24 pm من طرف الشيخ جميل لافي

» أحكام الجمع والقصر في السفر والحضر والمطر
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالإثنين أبريل 05, 2021 12:25 am من طرف الشيخ جميل لافي

» عظم الكلمة عند الله عز وجل .....
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:31 am من طرف الشيخ جميل لافي

» الإمامة في الصلاة . مهم جـداً
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:28 am من طرف الشيخ جميل لافي

» إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشرّ ومنهم من يُهاب لله ومنهم إذا رؤوا ذُكر الله
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:25 am من طرف الشيخ جميل لافي

» البيع المُحرّم في الإسلام . الجزء الأول
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:24 am من طرف الشيخ جميل لافي

» كفارة الغيبة والنميمة .
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:23 am من طرف الشيخ جميل لافي

» حُكم الغناء والموسيقى والمعازف .
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالسبت ديسمبر 26, 2020 2:22 am من طرف الشيخ جميل لافي

» رباه إنا طامعين بجنة - الشاعر : عطا سليمان رموني
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالخميس يناير 18, 2018 12:11 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني

» رباه إنا طامعين بجنة - الشاعر : عطا سليمان رموني
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالأحد يناير 14, 2018 12:36 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني

» مشروع وثيقــــة شـــرف عشائر الدوايمة”
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالثلاثاء ديسمبر 08, 2015 3:24 am من طرف نضال هديب

» ادخل احصاء ابناء الدوايمة في الشتات
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالإثنين نوفمبر 30, 2015 5:41 pm من طرف أدارة الدوايمة

» الدوايمة ليست قبيله ولا عشيرة
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالإثنين نوفمبر 30, 2015 3:18 pm من طرف نضال هديب

» الدوايمة ..أنا لاجىء من فلسطين في الداخل والشتات اوقع لا تنازل عن حقي بالعودة
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالإثنين نوفمبر 30, 2015 4:23 am من طرف نضال هديب

» لإحياء المجزرة التي تعرضت لها قريتهم «غزة» توقد ذاكرة أبناء الدوايمة وتدفعهم للتحرك قانونياً
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالإثنين نوفمبر 02, 2015 5:45 pm من طرف نضال هديب

» مجزرة الدوايمة وصرخة الدم النازف.بقلم .نضال هديب
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالخميس أكتوبر 29, 2015 10:54 am من طرف نضال هديب

» صباح الخير يا دوايمة
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالخميس أكتوبر 29, 2015 1:24 am من طرف نضال هديب

» خربشات نضال . قال القدس لمين
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالخميس أكتوبر 29, 2015 1:22 am من طرف نضال هديب

» المستوطنون يستعدون لاكبر عملية اقتحام للأقصى
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالخميس سبتمبر 17, 2015 2:04 pm من طرف نضال هديب

» اخي ابن الدوايمة \ البوم صور لقاءات ومناسبات ابناءالدوايمة في الداخل والشتات
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالخميس سبتمبر 17, 2015 1:44 pm من طرف نضال هديب

» اجمل ترحيب بالاعضاء الجدد الذين انظمو لقافلة منتديات الدوايمة وهم السادة
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالخميس أغسطس 20, 2015 1:04 pm من طرف ahmad-lafi

» ما هوَ ثمن الجـنـّة ؟؟ .
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالخميس أغسطس 06, 2015 7:18 pm من طرف الشيخ جميل لافي

» حرمة الإحتفال بعيد الأم المزعوم
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالأربعاء مارس 18, 2015 5:13 pm من طرف الشيخ جميل لافي

» القناعة للشاعر عطا سليمان رموني
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالأربعاء ديسمبر 24, 2014 11:04 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني

» قرية الدوايمة المغتصبة لا بديل عنها ولو بالقدس
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالثلاثاء ديسمبر 23, 2014 3:08 pm من طرف أحمد الخضور

» عن حقي ابد ما احيد للشاعر عطا سليمان رموني
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالإثنين ديسمبر 22, 2014 1:16 pm من طرف الشاعر عطا سليمان رموني

» بابي لعبدي مشرع للشاعر عطا سليمان رموني
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالثلاثاء نوفمبر 25, 2014 8:25 am من طرف الشاعر عطا سليمان رموني

» الذكرى الـ97 لوعد بلفور المشؤوم
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالأحد نوفمبر 02, 2014 9:14 pm من طرف نضال هديب

»  نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي موشيه فيغلن اقتحم الحرم القدسي
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالأحد نوفمبر 02, 2014 9:09 pm من طرف نضال هديب

» يووم سقوط الدوايمة
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالثلاثاء أكتوبر 28, 2014 9:37 pm من طرف نضال هديب

» حذاري ان تعبثوا بالوطن
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالسبت أكتوبر 25, 2014 9:34 pm من طرف نضال هديب

» اعلان وفاة زوجة الحاج عبد الحميد ياسين هديب وحفيدة ابن رامي عبد الحميد
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالجمعة أكتوبر 24, 2014 9:32 pm من طرف نضال هديب

» جرح مجزرة الدوايمة يأبى الإلتئام بقلم نضال هديب
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالسبت سبتمبر 27, 2014 11:04 pm من طرف نضال هديب

» الدوايمة / كتاب توراة الملك ........ دليل لقتل الفلسطينيين
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالسبت سبتمبر 27, 2014 10:58 pm من طرف نضال هديب

» غداً السبت الموافق 27ايلول 2014 تحتفل بالعام السادس لتاسيس منتدى الدوايمة
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالجمعة سبتمبر 26, 2014 3:27 pm من طرف نضال هديب

» أحاديث لا تصح في الأضحية وفي المسح على رأس اليتيم
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالجمعة سبتمبر 26, 2014 1:34 am من طرف الشيخ جميل لافي

» فضائل صوم ست من شوال
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالجمعة أغسطس 08, 2014 1:46 am من طرف الشيخ جميل لافي

» قرر الرئيس محمود عباس تشكيل الوفد الفلسطيني الى القاهرة كما يلي :-
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالسبت أغسطس 02, 2014 12:27 am من طرف نضال هديب

» بان كي مون يطالب بـ "الافراج فورا" عن الجندي الاسرائيلي الاسير
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالسبت أغسطس 02, 2014 12:17 am من طرف نضال هديب

» لقناة البريطانية العاشرة الجندي الاسراييلي الاسير بريطاني الجنسية
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالسبت أغسطس 02, 2014 12:12 am من طرف نضال هديب

» الاسير هدار غولدين ابن عم وزير الدفاع الاسرائيلي
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالجمعة أغسطس 01, 2014 10:08 pm من طرف نضال هديب

» اسر الجندي الصهيوني الملازم الثاني هدار غولدين
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالجمعة أغسطس 01, 2014 10:07 pm من طرف نضال هديب

» في ذكرى رحيل أمي
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالجمعة أغسطس 01, 2014 6:20 pm من طرف نضال هديب

» ينعى موقع منتدى الدوايمة الاكتروني بشديد الحزن والاسى الجامعه العربية
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالثلاثاء يوليو 29, 2014 2:34 am من طرف نضال هديب

» تضامنا مع غزة شبكة منتديات الدوايمة تدعوا اقتصار مظاهر العيد على الشعائر الدينية
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالسبت يوليو 26, 2014 7:45 pm من طرف نضال هديب

» توفيت الصحفية عزة سامي، نائب رئيس صحيفة الأهرام التي قالت «كتر خيرك يا نتنياهو ربنا يكتر
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالسبت يوليو 26, 2014 1:43 am من طرف نضال هديب

» أغنية الجندي المخطوف (شاؤول ارون)عملوها الفدائية
 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالخميس يوليو 24, 2014 9:14 pm من طرف نضال هديب


 

  الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو جهاد
نائب المدير مسؤول التوثيق الشفوي والأعلامي
نائب المدير مسؤول التوثيق الشفوي والأعلامي




 الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Empty
مُساهمةموضوع: الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث    الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث Emptyالخميس ديسمبر 09, 2010 3:38 pm



طفلة أنا


هديل الحروب
الصف الرابع الأساسي ( مدرسة ذكور دير سامت الأساسية )


طفلة أنا. تحكي قصة مريرة. قصة الطفولة التي عانيناها وما زالت تعيش بداخلنا أطفالا وشبانا وشيوخا، قصة الطفل البطل الشهيد ( محمد الدرة) الذي شاء له القدر أن يدوّن في سجل هذا التاريخ العريق، تاريخ التضحية والفداء. طفل برئ لا ذنب له سوى أنه صحب أباه جمال الدرّة، أثناء سيره في أحد شوارع غزة. وكان مصير هذا الطفل أن تلقى رصاص الغدر واللؤم من غير سبب. يا لهذا الوالد المسكين، الذي صرخ في وجوه بني صهيون: هذا طفل لا تطلقوا النار، محاولا أن يحمي فلذة كبده وقد وضعه تحت إبطه، كما يرفرف الحمام على صغاره، ولكن كيف لعدو حاقد، أن يعي ذلك.؟! فقد استمروا في إطلاق رصاصهم إلى أن فاضت روح هذا الطفل إلى بارئها، تشتكي ظلم اليهود المجرمين.
هذه إحدى قصص الطفولة التي تجرعنا مرها منذ نعومة أظفارنا.



نام الجندي ويده على الزناد


إسراء الشيش
الصف الثامن الأساسي ( مدرسة بنات أريحا الأساسية العليا)


لن أنسى ذلك اليوم أبدا ما حييت. فهو يوم حزن منذ الصباح. إذ مرض أخي الصغير فصحَبتْه أمي إلى عيادة الطبيب. وقد عادت متأخرة إلى البيت. فبدا عليها التوتر الشديد، إذ لم يبق على آذان المغرب سوى ثلاث ساعات، وعليها إعدادُ طعام الإفطار. انهمكنا جميعا في مساعدة أمي في إعداد الطعام. كانت ساعات صعبة حقا. ولكنّ الفرصة كانت عظيمة إذ أنجزنا عملنا قبل الوقت، وجلسنا جميعا حول المائدة ننتظر المؤذّن ليرفعَ الأذان. كنت واقفة بالقرب من الشباك لسماع الأذان فسمعت دوي طلقات. ازدادت كثافة النيران. ويا لهول ما رأيت! رصاصات تخترق غرفة الضيوف. أصابنا الذعر إذ سمعنا أصوات قذائف… قال أبي إنها مدفعية. فقام وجمعنا في غرفة نومه لأنها الأكثر أمنا. استمر إطلاق النار أكثر من ساعة دون توقف. حاول أخي الكبير التخفيف عنا بنكاته المرحة فيقول تارة " لصقت يد الجندي على الزناد " ومرة " نام الجندي ويدُه على الزناد ". توقف بعدها إطلاقُ النار وسمعتُ همس أمي تتمتم بآيات من القرآن الكريم.
وحضرت للاطمئنان علينا جارتنا " أم حسن " وقالت: يقولون إنهم قصفوا مركز الشرطة والمخابرات في المخيم، ويقولون إن هناك حشودات كبيرة على مدخل أريحا. لم أنم تلك الليلة من شدة الخوف إذ أصابني إحساس بان اليهود سيحاولون اقتحام أريحا … ولكنهم لم يفعلوا.
أخذ هذا المشهد يتكرر يومياً حتى اعتدنا عليه كما اعتدنا على همس أمي تردد قوله تعالى " قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ".



قصة الشهيد محمد

أياد عبد الرحيم جلاد
الصف الثامن الأساسي ( مدرسة احسان سمارة الثانوية )

انطلق صوت الأذان لصلاة العصر، عَبْر مكبّرات الصوت. وكانت أم محمد جالسة مع جاراتها في ساحة صغيرة أمام البيت يَقطُفن الزعتر، ويتبادلن الحديث عن شهداء الأقصى، ومحمد الدرة، وعن المعاقين، وعن الحصار، وعن القصف، وعن منع أزواجهن وأولادهن من التوجه إلى العمل، وعن اشتياق فلانة إلى زيارة أختها، وعلانة عن حنينها لأمها التي لا يفصل بينهما سوى أميال قليلة، وعن هموم الدنيا، وتذكرهن لتلك الأوقات قبل أشهر حيث كنّ يتوجهن إلى قاعات الأفراح والأعراس، وعن السعادة والارتياح التي شعرن بها في ظل سلطتنا الحبيبة.
كن يسمعن صوتَ أقدام الرجال وهم يتوجّهون إلى المسجد، والأولاد فرحون يتراكضون خلف الكرة، فخرجت أمَّ محمد تسألُ عن أولادها وتقول: أين ذهب محمد؟ ….. تردّد الأطفال وهم ينظرون حولهم ويبحثون عن محمد، فقال لها أحد أصدقائه: لقد ذهب مع الشباب إلى الحاجز حيث تدور هناك اشتباكات بين قوات الجيش التي تُطلق رصاص الخمسمائة والثمانمائة والغاز المسيل للدموع، وشبابنا الذين يتصدون لهم بالحجارة.
قالت إحدى الجارات: "الله يحماهم ويستر الأحوال". فجأة ارتفعت أصوات صافرات الإسعاف مسرعة إلى المستشفى، وكان صوتها وكأنه ينعي أحداً…. وتطايرت حمامات بيضاء ترفرف فوق المسجد….. سكت الأطفال …. توقفت أيدي الجارات عن قطف الزعتر…. فجأة أحست أم محمد أنّ قلبها قد توقف عندما رنّ جرس الهاتف، وقيل لها: إن محمداً قد أصيب، وهو في المستشفى القريب.
حلّ الحزن على البيت، وأخذت أم محمد تقفز ولا تدري ماذا تفعل أو ماذا تقول ….. الجارات يحاولن تهدئتها ولكن دون جدوى…
وصلت أم محمد المستشفى، وصعدت الدرج مسرعة لرؤية ولدها الجريح، كما قيل لها … احتضنته وبدأت تقبله … "سلامتك يا حبيبي … أين أصابتْك الرصاصة؟ … ماذا جرى؟ … كانت تبكي وتتكلم، وتتحسس جسمه في آن واحد… ولكن محمد لم يرد".
لم يتكلم …. لم يتحرك…. جسده بارد … ابتسامته تزين وجهه … صرخت … صاحت … ولدي … ولدي … ولدي
احتضنها رفاقُه وهم يقولون لها نحن أبناؤك يا أمّ محمد .. محمد لم يمت… محمد حي.. لحظات حزينة ، تجمّع الرجال بالآلاف يهتفون" بالروح بالدم نفديك يا محمد".. وتجمعت النساء يزغردن، ويشجعنَ أم محمد على الصبر.
قالت لها إحدى الجارات: سلمت يا قلبَ أم محمد، يا صانع الرجال.. سلمت يا سواعد أم محمد، يا صانعة التاريخ.. أنت رمز فلسطين للعطاء والتضحية، رغم كل ما عانيناه من قصف، وقتل، واعتقال، وتشريد، ورغم ما عانيته بفقدانك لأبنك، إلا أنك تقفين صامدة مزغردة في عرس حبيبك محمد.



بعد الدمار …!


محمد عثمان ذياب
الصف التاسع الأساسي ( مدرسة ذ. تياسير الأساسية )


بعد عشرة أيام من الحصار، حاولت القوات الإسرائيلية اقتحام البلدة، وقامت بنشر الدبابات على الطريق المؤدّية إليها، واستعدّت للمهاجمة. وما هي إلا لحظات إذا بصوت انفجار عنيف قد دمر مركز الشرطة القريب من منزلنا. امتلأت نفوس الأطفال بالرهبة، وأخذوا يصرخون فزعا من شدة الصوت والضوء القوي الصادر عنه، كان أخي الصغير نائما فهبّ فّزِعا وهو يصرخ أمي .. أمي.. سأموت. أخذت أنا وأمي بجمع اخوتي وإيقاظهم لنهرب من المنزل، فهربنا إلى منزل عمي أحمد، وفي غضون ذلك أتى أبي إلى المنزل للبحث عنا فلم يجدنا، ووجد البيت قد دُمّر.
خاف وامتلأ قلبه بالرعب علينا، وأخذ يزيح ركام البيت، فلم يجد شيئا، فأخذ يجري كالمجنون وأخبر خالي بذلك.
آتى خالي يبحث عنا في بيت عمي أحمد، وذهب أبي إلى عمي سعيد، وكان كل منزل منهما بعيدا شيئا ما عن الأخر.
ذهب خالي ليخبر أبي بأننا في بيت عمي أحمد ليطمئنه علينا. وجده ملقى في الشارع وقد أصيب بصدمة. فحمله إلى منزل عمي سعيد. وحين رآنا اطمأنّ قلبه . استمر القصف وحين لاح الفجر هدأت الأحوال، فإذا بخبر يقول إن أربعة أشخاص قد استُشهِدوا جرّاء ذلك، كما دُمرت الكثير من المنازل، وحين ذهبنا إلى منزلنا وجدناه كومة من الركام.
لقد كانت ليلة مفزعة ولن تنسى أبداً.



طريق الشهداء الأبطال


رهام جاسر
الصف العاشر ( مدرسة ذ. مسحة الثانوية )

مجاهد شاب في الثامنة عشرة من عمره، وهو طالب في مدرسة الأمجاد، يعيش في قرية غنيّة بالبساتين، أهلُها يُحبّون العلم. فمجاهد من الأوائل في مدرسته، ويدرس المواد العلمية، وهو الآن في الثانوية العامة. ولمجاهد أربعةُ أخوة ذكور وأختان، وهو أكبرهم واسم أبيه صابر وأمه فلسطين.
وقرية مجاهد كغيرها من القرى في فلسطين في هذه الانتفاضة المجيدة، تتعرض لاعتداءات من قبل الصهاينة الغادرين. لكن أهل القرية يصدون عدوان الصهاينة بأرواحهم، وبكل ما يملكون، ومجاهد واحد من أهل هذه القرية الصامدة.
وفي ليلة من الليالي، هجم الصهاينة من قطعان المستوطنين وجبناء اليهود المسلحين بالنار على قرية (العز) فخرج أهل القرية ليتصدوا لهم بكل ما يملكون، ومن بين الذين خرجوا البطل مجاهد وأبوه.
دارت مواجهات دامية، حيث كان الشباب يضحون بأرواحهم، ليدافعوا عن كرامتهم وليصدوا عدوان اليهود. صمد الشباب طويلا في وجه العدو المسلح بأحدث الأسلحة، بينما كان سلاح الشباب الحجارة والزجاجات الفارغة، والحارقة أحياناً.
كان هدفهم الدفاع عن أعراضهم، وعن الأرض المقدسة وعن كَرْم الزيتون، وعن الأطفال الرضّع. كان موقع الشباب بين أشجار الزيتون، بينما كان العدو متمركزاً وراء الجدران الأسمنتية التي وضعوها ليحموا أنفسَهم من الحجارة والزجاجات.
استمرّت المواجهات ساعات وساعات، ثم توقفت. وعاد المستوطنون الجبناء من حيث أتوا، وانطلق الجميع ليبحثوا عن الجرحى لإسعافهم. ولكن ماذا نرى هناك تحت تلك الأشجار في بستان أبي مجاهد؟ انه شاب قضى ليلته يزحف تحت أشجار الزيتون، يبحث عمن يُسعفُه ويساعدُه، ليحيا ويحارب عدوّه بحجر بلاده، لكنّ صوت الرصاص دوّى في المكان ليسرق الحياة من هذا الشاب. ولكن من هذا الشاب؟ إنه مجاهد بن صابر. لقد رأته النجوم وشهد موته القمر، ولقد كفّنه الليل بكفن اسود، وتألقت عيون النجوم فَرِحة لاستقبال روحه الطاهرة، التي فاضت لبارئها عند تكبيرة المؤذّن لصلاة الفجر.
خرج شهيدنا من منزله بعد ما قبّل يد أمه فلسطين، وطلب منها أن تدعو له بالتوفيق. خرج وعنده إصرار الأبطال وإقدام الشجعان. سار مع الشباب الآخرين بخطوات ثابتة، نحو هدفهم. خرج من بيته ليدافع عن كرامة أهله، وعن شجر الزيتون الذي لعب تحته في صباه في مواسم القطف والزرع والحصاد. ذهب ليرد عدوان الصهاينة بكل الإمكانات المتاحة له حتى يعيش إخوته الصغار حياة شريفة وكريمة، وحتى تقر عين أمه وتنام ليلا مطمئنة على صغارها، واثقة بأن زوجها سوف يعود للبيت بعد خروجه للأرض.
لقد تذكّر مجاهد كلَّ شيء في حياته خلال لحظات، وأمسك شهيدُتا البطل التراب والحصى بيده الملطّخة بالدم الذي ينزف من صدره وكتفه وقدمه، وقبّل ما حملته يداه، وسالت دمعة طاهرة من عين مجاهد لأنه لم يرَ الأقصى محرراً، فليس هناك هدف أسمى من هدف الشهيد، فقد قصد وجه ربه، وها هو يلقاه. وتكسر حلم الفتى الشاب في أن يصبح طبيباً يعالج الفقراء، ويعلّم إخوته الصغار، ويحقق حلم أبويه أحب الناس إليه. لقد امتزج دم مجاهد بالندى على قميصه الأبيض وفارق الحياة ووافته المنية وطارت العصافير التي كانت تقف على غصن شجرة الزيتون، كأنها كانت تنتظر من مجاهد أن يقف على قدميه ليتحدى العدو من جديد، ولكن هيهات، فقد حان الأجل. وفي هذه الأثناء جزع قلب الأم على ولدها. فقد عاد أبوه وهو لم يعد حيث أحست بابنها رغم بعد المسافة بينهما.
وجده أحد أصدقائه الذين خرجوا معه، إلا انه لم يتمالك نفسه، فخر على الأرض جالسا بجوار جثة صديقه العزيز. أمسك يديه وقبلهما وذرف الدمع على جبين مجاهد، حتى أنه من هول الفاجعة لم يستطع الكلام، فوصل باقي زملائه وما أن رأوا جثة مجاهد حتى صعقوا كأنهم يفارقون أرواحهم، لا صديقهم فحسب.
احتار الأصدقاء كيف سيحملون الخبر لأمه، فكروا مليا إلى أن قرروا حمله على أكفّهم إلى مسقط رأسهُ البيت الذي ولد فيه وشهد لحظات عمره الفاني. لقد كانت أمه تنتظر على الباب كأنها على موعد مع جثمان ابنها، حيث استقبلته بالزغاريد التي يخالطها الدمع والبحه الممزوجة بالحزن العميق.
سمع أهل البلدة النبأ فجاءوا ليودّعوا ابنهم مجاهد. ودّعه إخوته الصغار بالدموع والدعاء والخوف أما والده الذي بقي صامتا ليخفي حزنه فقد سالت رغماً عنه دموعه لتعبر عن مخزون من الحزن الدفين في قلب الأب صابر الذي كانت ملامح وجهه توحي بالألم الشديد. فماذا نتوقع من أب رأى ابنه محمولا على الأكف؟!.
قال صابر أبو مجاهد والأسى والحزن يملآن قلبه. كنت أود أن أرى ابني على ظهر الحصان ليزف، لا على الأكف ليشيع جثمانه إلى القبر. وماذا كان رد أم مجاهد فلسطين؟ لقد ذهب ابني الأكبر وبقي عندي أربعة غيره، واحمد الله الذي شرفني باستشهاده. نعم لقد استشهد ليضمن لاخوته أمنهم ومستقبلهم يا بنيّ يا فلذة كبدي. أنت لم تمت… إنما أنت حي في قلبي وعقلي.. لقد تحطّم حلمك الجميل، لكن لا بأس، ففي سبيل حبنا لأرضنا وديننا يهون كل شيء.
حمله أهل بلده وأصدقاؤه إلى المقبرة كان وجهه باسما كالبدر عليه مسحة من البراءة، وكانت عيون أمه تذرف الدمع بغزارة كأنها ينبوع ماء، لكنه مالح مر لا يتجرعه إلا المفجوع بابنه. كان موكبا جنائزيا لا يُنسى. شارك فيه كلُّ أهل القرية الذين طالما أحبوا مجاهدا واحترموه.
بعد تشييع الجثمان، وقف الأصدقاء يودعون صديقهم مجاهداً قال مؤمن: سأسير على دربك حتى أدفن إلى جوارك يا صديقي العزيز. وقال عبد الله : سوف آخذ حقوقنا من عيونهم حتى لو كلفني هذا حياتي، سوف نعيد لديننا مكانته ولقدسنا حريتها التي سلبت منها. أما مجد فقال: بما أن الموت حق على كل إنسان، فلنمت بكرامتنا خير من أن نعيش أذلاء.





شمس الحرية


رنا بسام ماضي
الصف العاشر ( مدرسة بنات سلفيت الثانوية )


كانت ليلة باردة من ليالي شهر تشرين الثاني، حيث ينام الجميع باكراً…..
كنت جالسة في سريري أطالع الكتاب الذي كنت قد بدأت بقراءته، كانت الساعة تقارب الثانية عشرة ليلا، كانت أمي واخوتي جميعا يغطّون في سبات عميق، بينما أبي كان لا يزال مستيقظاً. فهو بحكم عمله كطبيب، لم يكن ينام إلا قليلا، ليكون على أُهْبة الاستعداد طوال الوقت تحسبّاً لأي طارئ- وبينما أنا مستغرقة في قراءة الكتاب، إذا بي أسمع صوت طائرة صغيرة من نوع " هيلوكبتر". لم تكن المرة الأولى التي أسمع فيها صوت ذلك النوع من الطائرات، لكن وكما يقولون ( قلب المؤمن دليله) شعرت أن هذه المرة ستكون مختلفة.
قفزتُ من السرير. ونظرت عَبْر النافذة إلى السماء الحالكة الظلام والتي غاب عنها القمر، فلم أر أثرا لتلك الطائرة، انقبض قلبي، فعندما تكون الطائرة غير مضاءة فإن ذلك يعني بأنها ستقوم بقصف المدينة. لكن … لماذا؟ … و سلفيت خصوصاً، لم تشهد الكثير من المواجهات؟ … فما الداعي لقصفها؟ … ولكن هيهات … شاهدتُ شيئا مضيئا ينزل من الطائرة، واتجه نحو المدينة. ..
يا إلهي .. ماما أوه …. يا إلهي ….. ماما … سعيد …. أحمد …. سعيد …. رائد … انهضوا … انهضوا " بدأت بالصراخ كالمجنونة " انهضوا… لقد بدءوا بقصفنا.. انهضوا" هكذا صرخت وأنا أوقظ أمي واخوتي، لن أنسى تلك اللحظات ما حييت، تلك اللحظات التي شعرت فيها بالخوف… الخوف الحقيقي ….. نعم الخوف .. و دوى صوت الانفجار الأول … نزلنا بسرعة من غرفة النوم واتجهنا إلى الطابق السفلي من المنزل، فيما انطلق أبي إلى مركز الطوارئ في المدينة تحسبا لأي إصابات قد تحدث…
ودوّى صوت الانفجار الثاني .. والثالث.. ثم … ثم ساد الصمت والسكون والهدوء … ولكن ليس كل هدوء يحمل معاني السلامة … وهذه المرة لم يعن ذلك أبدا .. أبدا ..
انتهى القصف واختفت الطائرات، لم نعد نسمع لها صوتا، اتصلت بوالدي لأطمئنَّ عليه، فقال لي:
" رنا … اتصلي فيما بعد .. هناك حالة طارئة " واقفل السماعة … كان هذا كل ما قاله ، ثم..انتشر الخبر وشاع في المدينة كما تنتشر النيران في الهشيم. هناك شخص قد أصيب وهو في حالة خطرة. وأن الصاروخ الثاني قد أصاب منزل أحد المدنيين وهو " رزق أحمد حسن" .. أحد أصدقاء خالي الذي كان عندنا في المنزل، و الذي أصيب بصدمة كبيرة لدى سماعه الخبر. فالرجل قد فقد رجله بالكامل، أصبنا في البداية بالصدمة.. ثم خيم الصمت والسكون والحزن على المنزل… السكون التام.. أتدرون وقعت المصيبة على قوم لم يكونوا يتوقعون حدوثها؟ و يالها من مصيبة !!!
قد يتساءل بعضهم ويقول " ولم الحزن يا رنا ؟ فهو ليس من أهلك " ولكنني أرد وأقول " إننا نسكن مدينة صغيرة كالأسرة الواحدة المتماسكة، فالكل يعرفون بعضهم بعضاً، وإذا ما كانت هناك بعض الخلافات البسيطة بين جماعة وجماعة ، إلا أنها سرعان ما تزول عند حدوث الشدة فنصبح كالأسرة الواحدة… أفلا تتألمون لجرح أحد أفراد أسرتكم، فكيف به إذ يفقد رجلا كاملة ؟؟!"
عاد أبي إلى المنزل في تمام الساعة الثانية والنصف صباحاً، سألناه عن حال الرجل، فقال:"إن حالته خطيرة جداً، كانت حالته من أبشع المناظر التي شاهدتُها في حياتي " هكذا أنهى كلامه.
وعندما اقتربت الساعة من الرابعة أو الرابعة والنصف توجه الجميع إلى غرفهم أما أنا فبقيت مستيقظة، لم استطع النوم نهائيا، ووقفت على النافذة الموجودة في غرفتي والتي تطل على الجهة الشرقية لمدة طويلة، إلى أن بدأت الشمس بالشروق … وياله من منظر !! الشمس وهي تشرق.
عادة ما تعطي الشمس أثناء شروقها انطباعا بالتفاؤل، وبداية يوم جديد قد تسير فيه الأمور نحو الأفضل. هكذا قرأت في القصص والكتب والروايات، ولكنّ شروقها في ذلك الوقت لم يعن لي شيئا سوى بَدء نهار جديد من الألم والعذاب و القتل والتدمير والتخريب، يوم أعود فيه للخوف من جديد. يوم أخشى وأخاف فيه من خروج والدي وأشقائي من المنزل. فمن يدري فقد لا يعودون إليه إذا ما سقط أحد الصواريخ واخترق منزلنا.
في الصباح … لبست ثيابي المدرسية، وتوجّهت للمدرسة، وفي طريقي شاهدت المنزل المقصوف، ويا إلهي !! ياله من منظر !! نوافذ مكسرة .. جدران محترقة … أبواب محطمة … وما إلى ذلك من المناظر..
تابعت طريقي إلى المدرسة وكان كل ما سمعتُه من حديث يدور عن ليلة البارحة والمنزل المتهدّم والرجل المصاب. جاءت الحصّة الثالثة … وحصة اللغة العربية، إلا أن معلمة اللغة العربية لم تأتِ إلى المدرسة، وعندما استفسرنا، قالوا بأن الرجل المصاب هو شقيق زوجها .. فأصبنا بالصدمة…
بعد يومين عادت معلمتي السيدة " ماهية ناصف " إلى المدرسة، كانت شاحبة اللون، فاقدة التركيز على كل ما يدور حولها من أمور وعندما سألناها عما حدث، قالت:
كنا نهيئ أنفسنا للنوم عندما سمعنا صوت الطائرة، لم نبال بها كثيراً، إذ أنها ليست المرة الأولى التي نسمع فيها صوت طائرة في سلفيت … ولكن بدا القصف وكان الصاروخ الأول قد أصاب مكتب " حركة التحرير الوطني " الموجود في سلفيت. أما الثاني فأصاب منزل شقيق زوجي. سمعنا زوجته تصرخ وتصرخ. فهرعنا إلى منزله الذي لا يبعد عن منزلنا سوى مسافة ممر يفصل بين الشقتين. دخلنا المنزل بصعوبة كبيرة، إذ أن الباب قد أصيب بكثير من الالتواءات صعب معها فتحه. ولكن في النهاية دخلنا. وقفت مع زوجة رزق، واحتضنت أولاده الذين أصابهم الفزع، وهرع زوجي إلى داخل غرفة شقيقه ليتفحصه… ولحقت أنا به بعد وهلة …. بدأ زوجي يتحسس السرير الذي من المفترض أن يكون رزق ممددا عليه، لكننا لم نعثر على رزق، بل عثرنا على بقايا رجله عالقة بالسرير، أما رزق فكان ملقى على الأرض … "
وتقول معلمتي:" أصبنا جميعا بالصدمة .. لم نستطع البكاء، أو الكلام أو حتى الصراخ … فقط صمتنا" ، وسألنا معلمتي عن حال زوجة الرجل وأمه، فقالت :" زوجته لا تقدر على شئ سوى البكاء، ولقد تعرضت للإجهاض نتيجة لذلك، أما أمه فصابرة"
نعم .. إنها أم صابرة وقوية، جبارة .. لقد فقدت أحد أولادها، كان يدرس في الهند عندما قتل، وهاهي تشهد ما قد حل بابنها الثاني وهي صابرة، ولا تقول سوى " المؤمنون أشد بلاء" إنها تستحق لقب " خنساء سلفيت" بكل ما للكلمه من معنى …!!
هكذا بدأت مأساة أسرة فلسطينية.
بعد أشهر قليلة شاهدت رزق بأم عيني، بعد عودته من المشفى. لقد كان يمشي مستعيناً بعكازين، كان مع شقيقه و بعض أصدقائه، شاهدته يتكلم و يبتسم بشكل طبيعي… لم أكن أتوقع ذلك!! فرغم أنه كان يمشي على عكازين إلا أنه كان يبتسم ….. فيا له من رجل صابر ، و ياله من شجاع… فالشجاعة في نظري هي التبسم وقت الشدائد، والتفاؤل رغم المحن، والأمل رغم الضياع…
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثالث
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزء الثاني
»  الدوايمة / قصص وحاكايات منقوشة في الداكرة لأطفال فلسطين الجزءالرابع
» رحلة الى فلسطين الجزء الرابع تكملة الجزء الثالث
» قصة نكبة فلسطين - الجزء (4/1) - المقطع (6/2)
» الدوايمة / مجزرة الدوايمة اسطورة وتاريخ الجزء الثالث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع منتدى الدوايمة الاكتروني al-Dawayima تأسس 27 سبتمبر 2008  :: خيمة الثقافة والآدب العربي :: منتدى - الشعر والقصة القصيرة-
انتقل الى: